نسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا) (٢ : ٨٩) : بنبإ القرآن ورسوله الآتي ، فقد كان علماء بني إسرائيل يتوقعون هذه الرسالة وينتظرون هذا الرسول ، ويحسون ان زمانه قد أظلهم ، وأيامه قد أطلتهم ، يحدّث بعضهم به بعضا ويتحدثون على المشركين مستفتحين بذلك الفتح المبين!.
إنه (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) لا يثير قوميتهم ، و (إِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ..) يعلمه علماء بني إسرائيل ، فقد تمت عليهم الحجة وطمت المحجة.
(وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ ١٩٨ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ) ١٩٩.
«لو» هنا تحيل تنزيله على بعض الأعجمين ، أعربيا ينزل على اعجمي (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) (١٤ : ٤) واختلاف لغة النازل عن لغة الرسول عرقلة في الدعوة ، ونقص في الدعاية ، ومثار للنكاية ، فعذر للمعنيين بالدعوة الرسالية.
أم أعجميا على أعجمي؟ وهو نقص في اللغة حيث العربية قمة بين اللغات والوحي الأخير قمة بين سائر الوحي ، فليكن بلسان عربي مبين.
ثم والعرب الألداء وهم مبتدء الدعوة ومنطلقها ما كانوا ليؤمنوا به ، فليكن عربيا منزلا على عربي.
(وَلَوْ نَزَّلْناهُ) عربيا أو أعجميا (عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ) أصلا أو ترجمانا (ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ) حيث النخوة العربية وقوميتها المتعرقة فيهم كانت تصدهم عن ان يؤمنوا به : (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ)