وهذا السلك هو من مخلفات السلك الأوّل المواجه بالتكذيب جزاء وفاقا ، ومن مخلفات السلك الثاني : (لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) هنا في الرجعة أو قبلها ، ام في البرزخ والأخرى : (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا ... فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ) (٤٠ : ٨٥) ، فلا تعني (كَذلِكَ نَسْلُكُهُ) سلك الايمان فان الله ليس ليحمل المكذبين على الايمان ، ولو حمل على ايمان فكيف (لا يُؤْمِنُونَ بِهِ ..)؟ : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً) (١٠ : ٩٩).
«فيأتيهم» ذلك العذاب الأليم «بغتة» دون إخبار ولا إمهال (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) به و «لا يشعرون» الايمان بالقرآن.
(فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ) ٢٠٣.
إنظارا لكي نؤمن به ، ولات حين مناص ، وقد فات زمن الخلاص.
(أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ) ٢٠٤.
فلقد كانوا يستعجلون بعذاب الله الموعود للمكذبين تحدّيا على النبيين ، استهتارا واغترارا بما لهم من متع الحياة الدنيا ، وهم بذلك الاستعجال العضال يكدّرون خاطر النبي الأقدس محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
(أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ٢٠٥ ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ ٢٠٦ ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ) ٢٠٧.
فقد «رؤي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كأنّه متحيّر فسألوه عن ذلك فقال : ولم؟ ورأيت عدوي يلون أمر امتي من بعدي فنزلت : «أفرأيت ...» (١).
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ٩٥ ـ اخرج ابن أبي حاتم عن أبي جهضم قال رؤي ...