فلقد كان يغمّه متاعهم خوفة على شرعته وأمته ، إمرة لمن لا يؤمن ولا يؤمن (١) على المسلمين ، فطمأنه ربّه أن أيديهم قاصرة عن القضاء على شرعة الله ، مهما كانت طائلة في متع الحياة الدنيا ، فان للحق دولة وللباطل جولة ، وسوف تزول كل المتع عن الكفار في دولة القائم المهدي (عج) (٢).
(وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ ٢٠٨ ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ) ٢٠٩.
«منذرون» هنا تأشير إلى تواتر الإنذار بحق المهلكين «ذكرى» لهم عن غفوتهم فطريا وعقليا ، فان مواد الهدى مرتكزة في الفطر والعقول ، ولا يعني بعث الرسول كأصل إلّا «ذكرى» لمن استغفلوا عن دلائل الايمان ، ايقاظا لأصول الهدى ، ثم الفروع تتبناها واردة على قضايا الفطر والعقول.
(وَما كُنَّا ظالِمِينَ) في ذلك الإهلاك ، و «كنا» هنا تستأصل أصل
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٦٥ في الكافي بسند متصل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال أري رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في منامه بني امية يصعدون على منبره من بعده ويضلون الناس عن الصراط القهقري ، فأصبح كئيبا حزينا قال : يا جبرئيل إني رأيت بني امية في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي يضلون الناس عن الصراط القهقري فقال : والذي بعثك بالحق نبيا إني ما اطلعت عليه فعرج إلى السماء فلم يلبث ان نزل عليه بآي من القرآن يونسه بها قال : (أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ...) وانزل عليه : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ...) جعل الله ليلة القدر لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) خيرا من الف شهر ملك بني امية.
(٢) تفسير البرهان ٣ : ١٨٩ محمد بن العباس بسند متصل عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الآية قال : خروج القائم (عليه السلام) (ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ) قال : هم بنو امية الذين متعوا في دنياهم.