(قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (٢٨ : ١٦).
فقد ظلم نفسه من قبل دونما تقصير ثم بدل حسنا بعد سوء فغفر له ربه ، إذا فقد يكون من :
(إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) ١١.
فهو بعد غفره تعالى لا يخاف لدى الله فيما يأمره به الله مهما ظهر جانا أو ثعبانا ، بل هو من الآمنين : (يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ) مهما كنت قبل (مَنْ ظَلَمَ) ولكنك بدّلت بعد حسنا بعد سوء (فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) ، ف «لا تخف» المعلل ب (إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ) هناك ، وب (لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ. إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ..) هنا ، نهي عن خوفه من ظلمه لمكان غفره تعالى ، وكأنه خيّل إليه الجان المحوّل عن عصاه ، عساه جزاء عن ظلمه ، غضا عن غفره وتعالى تطامنا وتذللا.
وانقطاع الاستثناء هنا لا يرجع إلى معنى صالح فانه «لا يخاف .. إلا من ظلم ثم غفر» وليس للمغفور له أن يخاف كما ليس لغير الظالم ان يخاف ، فانما الخائف هو الظالم غير المغفور له وهو خارج عن نص الآية.
وقد يقال (لا يَخافُ .. إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ) ولمّا يغفر له ، فلا يخفف (فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ)؟ ولكن حصر الخوف لدى الله بمن بدل ، حسر له عمن ظلم ولم يبدّل وهو أحق أن يخاف لدى الله!
ف (إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ) اخبار حال كونها إنشاء لسلب الخوف لدى الله عن ساحة المرسلين ، وحتى من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فاني غفور رحيم ، فهو إذا من الآمنين ، ليس له ان يخاف لدى الله بعد ذلك الغفر الأمين.