رغم استيقان أنفسهم ، حيث القلوب قاسية لا تحن إلى هدى مهما استيقنت النفوس.
ف «أنفسهم» هنا لا تشمل قلوبهم ، فان ظنها فضلا عن استيقانها يحمل أصحابها على التصديق.
وقد يلمح هنا الاستيقان دون الإيقان إلى استثناء قلوبهم عن أنفسهم ، فقد كانت حواسهم وافكارهم وعقولهم ومعها فطرهم تتطلّب ايقان قلوبهم لأنها ذرائع الايمان والإيقان ، ولكنهم (جَحَدُوا بِها) بألسنتهم وقلوبهم (وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ) بسائر ادراكاتهم ، تغافلا عنها وتجاهلا عن تطلباتها ، «ظلما» بأنفسهم وبالحق والذرائع الموصلة اليه ، فقد ظلموا حواسهم الى فطرهم وفكرهم وعقولهم ، وتنازلوا عن استيقانها لقلوبهم ، «وعلوا» على الله ورسله برسالاته ، فذلك الظلم الفاتك عبّد طريقهم إلى علوّهم ، فصدوا منافذ الهدى عن قلوبهم ، وفتحوا مسالك الردى إليها فختم الله عليها بما ظلموا وعلوا!.
هذه الآيات المبصرة كانت مستيقنة تطلب اليقين ، ثم وحواسهم بسائر ادراكاتهم كانت تستيقن هذه الآيات تطلبا ليقين القلوب ، ولكنهم (جَحَدُوا بِها ... ظُلْماً وَعُلُوًّا) تنازلا وتغافلا عن كل ادراكاتهم وحتى الحسية الحيوانية ، فهم أصبحوا أنزل من الحيوان وأنذل وأضل سبيلا ، حيث تحلّلوا عن كافة الإحساسات والنفسيات انسانية وحيوانية!.
وذلك هو أسفل دركات الجحود بالحق (١) «فانظر» عبر التاريخ (كَيْفَ كانَ
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٧٥ بسند متصل عن أبي عمر الزبيري عن أبي عبد الله (عليه السلام): أخبرني عن وجوه الكفر في كتاب الله عز وجل ، قال : الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه فمنها كفر الجحود على وجهين ـ الى قوله ـ : واما الوجه الآخر ـ