«نحن» بكامل استعدادنا للحرب (أُولُوا قُوَّةٍ) عدّة وعدّة ، لا فحسب بل و (أُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ) تقديما لكافة قواتنا واستعداداتنا للذب عن العدو ، وعلى أية حال «والأمر» الملكي امرا أو نهيا في كل مأزق «إليك» وليس إلينا ، مما يؤكد أن السلطة كانت فردية استبدادية ، مهما تشاورت الملكة في هذا الأمر الخاص ، ولكنهم عطفوه الى أمرها المتداول على سائل الأحوال «فانظري» أنت في نفسك (ما ذا تَأْمُرِينَ) ولكنها في موازنة القوة بين الجانبين مالت إلى سلاح الحيلة والملاينة ، قبل سلاح المخاشنة ، وبطبيعة الحال حين تنحل المشكلة بملاينة لا تصلح المخاشنة ، فتمهيدا للمصالحة تنذرهم بإفساد الملوك المتغلبين في الحروب حين تلمّح ميل رجال الحاشية الى الحرب فزيفت هواهم وسفهت رأيهم في شوراهم ، وأبانت لهم ان الصلح خير وإن أحضرت الأنفس الشح ، وأن الأجدر بذوي العقول الصائبة البداية بالتي هي أحوط واحسن ف :
(قالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ) ٣٤.
هذه شيمة الملوك وطبيعتهم قضية زهوة الملك والتوسع فيه ، فإذا دخلوا قرية أفسدوها عن بكرتها ، إباحة لذمارها وانتهاكا لحرماتها ، وتحطيما للقوات المدافعة عنها (وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها) الحافظين لمكتها «اذلة» تذليلا لعناصر المقاومة فيها «وكذلك» البعيد البعيد عن الكرامة «يفعلون» بطبيعة أحوالهم.
ومما يطفئ نائرتهم ، ويسكن ثائرتهم وفائرتهم إعلان الحب وإعلام الود بذريعة «هدية».
(وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) ٣٥.