ولماذا «بهدية» ومرسلة متعدية بنفسها؟ لأن مفعولها محذوف هو المرسلون بها ، ولماذا «إليهم» دون «اليه»؟ علّه حفاظا على سؤددها وجبروتها ، كأنها لا تحسب هنا حساب الشخص ، ام انها تحسبه مثلها مشاورا ملأه في امره كما شاورت ملأها في أمرها ، أم لأن الهدية تهدّء من ثورة الحاشية فيهدء الملك ..
هدية هي في الحق تجربة ، فان قبلت فما أمرهم إلا الدنيا وبالإمكان ان تعالج المشكلة بها ، حيث وسائل الدنيا تجدي في حل مشاكلها ، وان لم تقبل فهو ـ إذا ـ أمر العقيدة ، فلنتّبعها إن صحّت بحججها ، فلما إذا المحاربة المفسدة المذلّة المدمّرة (١)؟.
إنها ترسل هديتها برسلها زعما منها ان سليمان ملك كسائر الملوك الذين لا يريدون بالقتال إلّا فتح البلاد وغنم الأموال وأسر العباد ، فعملت وفق ما زعمت وأرسلت إلى سليمان ما أرسلت.
هنا يسدل الستار على واقع تصميمها في ذلك المشهد المتضارب الآراء ، وإلى مشهد الهدية الواصلة الى سليمان :
(فَلَمَّا جاءَ سُلَيْمانَ قالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ فَما آتانِيَ اللهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ) ٣٦.
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٨٩ عن تفسير القمي في القصة : ثم قالت : ان كان نبيا من عند الله كما يدعي فلا طاقة لنا به فان الله عز وجل لا يغلب ولكن سأبعث اليه بهدية فان كان ملكا يميل إلى الدنيا قبلها وعلمت انه لا يقدر علينا فبعث حقة فيها جوهرة عظيمة وقالت للرسول قل له يثقب هذه الجوهرة بلا حديد ولا نار فأتاه الرسول بذلك فأمر سليمان ببعض جنوده من الديدان فأخذ خيطا في فمه ثم ثقبها وأخذ الخيط من الجانب الآخر ..