(فَلَمَّا جاءَ) الرسول بالهدية مهما كان معه غيره (سُلَيْمانَ قالَ) : «أتمدونني» : تجذبونني امدادا «بمال» ضئيل قليل وكل متاع الدنيا قليل ، أو تمهلونني لكي أمهلكم ، أو أهملكم في دعوتي «بمال» أو تؤجلونني تأخيرا عن دعوتي «بمال» إمدادا ضد الدعوة الرسالية «بمال»؟.
وهو بطبيعة الحال أقبل عليهم قبل إبراز المال بوجه طلق يرحب بقدومهم ويتهلل للقائهم كما هو دأب الداعية الربانية بالنسبة لكل وارد أو شارد ، ثم استشفّ غرضهم من وفودهم وتعرّف رأيهم ، فتقدموا بما حملوه من مال يبتغون بها رضى وقبولا من النبي الكريم.
و «الهدية على ثلاثة أوجه هدية مكافأة وهدية مصانعة وهدية لله عز وجل» (١).
ولو كانت الهدية هدية التحية كان يقبلها ، كيف لا وقد قبل فخذ جرادة من نملة؟ ولكنها كانت هدية المصانعة والتعمية عن الدعوة ، رشاء لعينا بديلا عن تصميم الداعية ، فاستنكر موقفهم استهزاء بالمال ، وانها هدية مضلة في مجال التعويض عن عامة الدعوة الربانية ، أتقدمون هذا الرخيص التافه البخيس وعندي خير منه (فَما آتانِيَ اللهُ) كرسول ملك (خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ) على الإطلاق ، وحتى في كل المنال ، فضلا عن خير الحال والكمال ، فما عاد شيء من عرض الأرض التافه يسرني ، فكيف يرضى مثلي ان يمدّ بمال يصانع به دعوة ربه ، ولا يلهيني عن دعوتي ملء الأرض ذهبا ، ولا حيطتها ملكا.
(بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ) في مقياس الملك بقسطاس الزهوات والشهوات والمعطيات المادية ، وانا لست ممن يصانع الملكة بمالها أو جمالها ،
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٨٦ في كتاب الخصال عن أبي عبد الله (عليه السلام).