اللهم إلّا بإيمانها وكما لها (بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ) ونحن بقضيتنا فارحون ، واين هدية ملكية من قضية رسالية؟.
أنتم تهشّون بهذه القيم التي لا قيمة لها عندنا؟ ولا نحسبها في حساب ، إلّا ما يرضي ربنا!.
هنا «آتاني» بينّ لا ريب فيه لسليمان فانه ككلّ عطية ربانية ، فكيف تقابله «ما أتاكم» وليست السلطة الجبارة الملكية مما آتاه الله؟.
الجواب (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ ...) فكل المحاولات للحصول على الملك فاشلة إلّا ان يشاء الله ، ولكنها مشية المحنة والعذاب للملك الجابر : (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ. نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ) (٢٣ : ٥٦) فالملك الحق يحمل المشية التشريعية الربانية الى التكوينية ، والباطل يحمل الثانية وتخييرا دون تسيير ، ألا يحجز ـ أحيانا ـ بين طالب الملك وطلبه ، مهما حجزه تشريعيا.
وكيف يخاطبهم وهم رسل الملكة (أَتُمِدُّونَنِ .. مِمَّا آتاكُمْ) ولم يكن الإمداد إلّا من الملكة ، ولا إيتاء الملك إلا لها؟.
«أتمدونني» تعنيها بحاشيتها الملكية ورسلها الأعضاد ، حيث الهدية كانت بهم أجمع مهما كانت هي الأصل ، ثم في تعبير الجمع تصغير لشأنها ، قصدا الى دمجها في ملئها إذ لا يرى لها شأنا تليق به ان تذكر باسمها أو رسمها وكما قالتها هي (إِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ ..) إذ دمجت سليمان في ملإه ، وهكذا يعنى من «ما آتاكم» حيث العطية الملكية تشملهم مهما كانت هي الأصل ، فهم بأجمعهم يحملون أوزار الملك بأوضاره.
(ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ) ٣٧.