الله ، فانها كانت من قوم كافرين ، وقد زال ذلك الصد ـ منذ بلوغها كتاب سليمان إلقاء إليها ، ورجوع المرسلين بهديتها بما حملوه من تهديد ـ زال لحد الاستسلام ، ثم هنا الإسلام «وأسلمت ..» ، واحتمال ان فاعل الصد هو سليمان بما فعل ، أو العرش بما تحول وارد ، مهما لا يحتمل كلّ بمفرده إذ يقتضي تقدير «عن» ل «ما» تعدية إلى ثاني المفعولين ، والجمع بينهما أحلى وأحرى ، فكما صدها ما كانت تعبد من دون الله ، عن الله ، كذلك وبالمآل صدها سليمان والعرش عما كانت تعبد من دون الله (إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ) إذا ف «ما كانت» فاعل ومفعول ، ويصح الثاني ضمن الأوّل حذفا للجار فيه ودون حذف في فاعله.
(قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها قالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ٤٤.
«الصرح» هو القصر العالي ، ثم (حَسِبَتْهُ لُجَّةً) و (مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ) ترفعانه على أرضية قارورية فوق الماء ، لذلك حسبته في تلك المفاجأة البديعة لجة الماء ، و (كَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها) دليل على عمق طفيف للماء خفيف ، لا يخاف منه الغرق.
فقد (كَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها) كيلا تبتلّ ، وبعد خوض المفاجئة كشف لها سليمان عن سرّ الصرح (قالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ) وهو المملّس منها ، لا فقط تملّسا أرضيا إذ ليس إلّا أرضه ، والنص «صرح» فليكن كله مملسا من قوارير ، ومنه أرضه القائمة قواريرها على الماء ، لحد يحسبه غير العارف بحاله أنه لجة.
وهنا تقف الملكة مفجوءة مندهشة أمام هذه العظمة المنقطعة النظير