وهذا الإنسان الغبيّ يحول خيره وشره بآثارهما إلى غيره وهو مختار (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ)! وتراهم اطيّروا به وبمن معه بمجرد الدعوة دون أمر سواها؟ ومن مواد طيرتهم الاختلاف الناشب بينهم اثر الدعوة! وعل منها إصابة الجوع كما يروى (١).
هؤلاء المفتنون الهاربون عن الايمان بالغيب الحق ، الناسبين اليه الخرافة الحمقاء ، نراهم يؤمنون بالغيب الباطل الموهوم ، من تطيّر وسواه من الخرافات الجارفة ، فنراهم يعلقون همامة ضخمة على العدد (١٣) بنحوسته أيا كان ، فالبيت المرقم به يكتب عليه ١+ ١٢ ، بديلا عن ١٣ ، ويعلقون على مرور قط أسود يقطع الطريق أمامهم ، وعلى كثير من الغيب الموهوم الذي لا سند له ، مستبدلين الغيب اللامعقول بالغيب المعقول ، مبتهجين متبجّهين بما عندهم من الحضارات المادية ، والخرافات الروحية (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً)!.
(بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ) امتحانا بفتنة الله ونعمته ، وامتهانا بفتنة الشيطان ونعمته ، فاليقظة الدائبة ومتابعة السنن وتتبع الحوادث والشعور بما وراءها من فتنة وبلاء هو الكفيل بتحقيق الخير فى النهاية ، لا التطير بخلق الله.
فلا صدفة عمياء فيما يحدث من خير أو شر ، وإنما اصابة قاصدة هي من خلفيات الأعمال الفاسدة ، ف (طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ) و «طائركم
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٩٣ عن تفسير القمي في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) في الآية .. «فإنهم أصابهم جوع شديد قالوا : هذا من شؤمك وشؤم من معك أصابنا هذا القحط ، قال طائركم عند الله» يقول : خيركم وشركم من عند الله (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ) يقول : تبتلون بالاختبار.