فلا عصيان!
انه ضلال عن الرسالة الحكيمة التي أوتيها بعد فعلته وخروجه إلى مدين ورجوعه إلى مصر حيث أخّر فعلته رسالته دونما علم ولا تقصّد في تلك الفعلة ، أو الضالين عن الطريق حيث دخلت المدينة وما كان لي ان أدخلها (١) وأنا ملاحق في ذلك الجو المحرج ، أو الضالين عن كيفية الدفاع ، فلم آخذ الحائطة فيه حيادا عن القتل ، وذلك ضلال في بزوغ الرسالة غير عامد ، قد اخرها إلى سنين.
(فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ)(٢١).
لقد وهب له ربه حكما قبل الوكزة القاتلة ، دون حكم الرسالة المعصومة العاصمة عن كل الضلالات والزلات كما في القصص : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ. قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (١٤ : ١٦).
هنا (مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) وهناك (مِنَ الضَّالِّينَ) لا يطاردان أنه أوتي
__________________
(١) البحار ١٣ : ٣٣ في حوار المأمون مع الرضا (ع) قال المأمون جزاك الله يا أبا الحسن فما معنى قول موسى لفرعون (فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) قال الرضا (ع) ان فرعون قال لموسى لما أتاه (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) لي قال موسى (فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) عن الطريق بوقوعي الى مدينة من مدائنك (فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ ...).