شَيْءٍ) لا فحسب هذه البلدة كالأصنام التي تختص كلّ جانبا من الكون بزعمكم ، فلم تعبدون سواه.
(وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) له لا سواه ، امرا بوحي كما أمرت فطريا وعقليا ، فما أمر توحيد العبادة والتسليم لله ـ فقط ـ امرا تعبديا ، بل والآيات الآفاقية والأنفسية متجاوبة في إيجاب هذه الفريضة الربانية ، والإسلام هنا هو فوق الايمان خالصا لرب العالمين ، وهو أوّل من أسلم كما هو أوّل العابدين.
(وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ) ٩٢.
التلاوة بجامع معناها هي الإتمام ، وقد اختصرت وانحصرت رسالة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذه التلاوة المباركة طول حياته الرسالية في بعدين : ان يأتم بالقرآن وقد فعل لحد أصبح نفسه القرآن وأفضل منه وكما سمي به في يس (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ) فقد أصبح تجسيدا لواقع القرآن وتفسيرا وتأويلا ككل دونما إبقاء ، وتطبيقا له في نفسه ورساليا ، فهو ـ إذا ـ أفضل من القرآن.
وبعد ثان أن يتلوه عليهم كما يتلوا نفسه عليهم ليتأتم به الناس في كل أقوالهم وأحوالهم وأفعالهم ، فما لم تكمل تلاوته في نفسه لم يأهل أن يكون تاليا له عليهم ، فهو ـ إذا ـ (يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ).
وان سنته السنية قولية وعملية وتقريرية هي تلاوة للقرآن ، فانه الإمام في كل حلقات رسالته (فَمَنِ اهْتَدى) بتلك التلاوة المباركة (فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ) لا لربه ولا لمن سواه (وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ) فلست