اليم فرارا عن حفرة إلى بئر؟ لكن (وَلا تَخافِي) من غرقه أو قتله (وَلا تَحْزَنِي) من فراقه ل (إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ) لترضعيه (وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) لما بلغ أشده.
وهذه طمأنة ربانية وربطة إلهية على قلبها أن تلقي وليدها الرضيع بيدها إلى اليم! ، أجل «لا تخافي» من غرقه فان عين الله ترعاه ، ويده تراعيه حين تخفيه عن بأس فرعون ، تلك القدرة التي تجعل النار لجده ابراهيم بردا وسلاما ، وتجعل له البحر ملجأ ومناما! (وَلا تَحْزَنِي) حيث الفراق لا يدوم (إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ).
(فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ) ٨.
هنا بين الوحي إليها والالتقاط فجوة مذكورة في طه : (فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ) أمرا تكوينيا لليم بإلقاء ما تلقّاه بالساحل ، ثم (يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ) أمر ثان لعدوه فرعون تكوينيا ، وبالنتيجة (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ) ـ إذ (أَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي)! ، وهنا أصبح موسى لقطة يلتقطها آل فرعون ، قصدا إلى (قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ) ولكن الواقع المجهول لديهم (لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) فاللام هنا تعني واقع الغاية ، و (قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ) تعني ظاهرها وهم خاطئون واقع الأمر (إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ) : خطأ عارما في كل حياتهم الجهنمية الطاغية حيث ذبح آلافا للحصول على موسى (عليه السلام) ، وهنا خطأ عما يرام للعرش الفرعوني حيث استقدموا بذات أيديهم بوارهم ودمارهم ، وهذا خطأ منهم لصالح الرسالة الموسوية ، وكل حياتهم خطأ لطالحها وصالح موسى ، وقد جمعهما (كانُوا خاطِئِينَ).