أجنبية ، وذلك يورث عظيم التهمة؟ وكيف ساغ لشعيب (عليه السلام) ان يبعث بنته الشابة إلى شاب ولمّا يعرفه بالعفة؟ وكيف ساغ لموسى تقبّل أجر ـ كما قالت ـ وقد أعانهما لوجه الله ، وهذا خلاف المروءة بل وخلاف الشرعة الإلهية إذ لم يعمل ما عمله بجعالة ، لا سيما وانه عرف عجز أبيهما وفقر العائلة ، ولموسى من القوة ما يحصل بها على مال يحتاجه من غير فقير بمحاولة يسيرة؟.
والجواب ان موسى انما استجابها إذ عرف من قبل عفافهما ، فلمحة الصدق من قولها ، وهو غريب في مدين يفتش عن قريب في العقيدة والمأمن.
ثم ولم يستجبها طلب الأجرة ، وهي جائزة دون طلب ، مهما كانت مطالبتها غير جائزة دون جعل ، وانما استجابها إذ تلمّح منها ومن مجيئها كأنها تعني تحقيق دعائه في الزواج بها ، وليس هو في الحق أجرا مهما سمته أجرا ، إذ أنكحها بثماني حجج أو عشر ، وقد ينقل متظافرا أنها لما قالت ليجزيك كرهه (١) ولما دخل على شعيب إذا هو بالعشاء فقال له كل ، قال موسى (عليه السلام) أعوذ بالله ، قال : ولم ، ألست جائعا؟ قال : بلى ولكن أخاف ان يكون هذا عوضا لما سقيت لهما وأنا من أهل بيت لا نبتغي شيئا من عمل الآخرة بملء الأرض ذهبا! قال : لا والله ولكنها عادتي وعادة آبائي نقري الضيف ونطعم الطعام فجلس موسى (عليه السلام) فأكل (٢).
وهذه طبيعة الحال في كل التحيات ، فقد حياه موسى ان سقى
__________________
(١) التفسير الكبير للفخر الرازي ٢٤ : ٢٤١ وروي انها قالت : ...
(٢) الدر المنثور ٥ : ١٢٥ ـ اخرج ابن عساكر عن أبي حازم قال لما دخل موسى على شعيب ...