لابنتيه ، فحيّاه بأحسن منها أن أطعمه وأنكحه إحدى ابنتيه ، وقبول التحية المردودة من آداب الايمان : (وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها) (٤ : ٨٦) ، وقد ساغ لشعيب أن يبعثها إليه لما عرف من قوته وأمانته ، وذلك أحرى من بعثهما لسقى الغنم ، (فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ) السابق ذكره «قال» : شعيب (لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) إذ ليس مدين داخلا في سلطان فرعون ولا أنه عارف بمكانك ، وتراه كيف مشى معهما ابتعادا عن التهمة ، وعن النظر إليها؟ لقد تقدمها لكي يأمن عن النظر إليها (١) وبذلك عرفت أمانته إذ قالت : (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) :
(قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) ٢٦.
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ١٢٢ عن تفسير القمي من حديث القصة الطويلة عن الباقر (عليه السلام) .. فقام موسى معها ومشت امامه فسفقتها الرياح فبان عجزها فقال لها موسى : تأخري ودليني على الطريق بحصاة تلقيها امامي اتبعها فانا من قوم لا ينظرون في ادبار النساء ..
وعن كتاب كمال الدين وتمام النعمة عنه (عليه السلام) قال لها : وجهيني إلى الطريق وامشي خلفي فإنا بني يعقوب لا ننظر في اعجاز النساء ..
وعن من لا يحضره الفقيه روى صفوان بن يحيى عن أبي الحسن (عليه السلام) في قول الله (يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) قال قال لها شعيب يا بنية هذا قوي قد عرفتيه برفع الصخرة ، الأمين من اين عرفتيه؟ قالت يا أبه اني مشيت قدامه فقال : امشي من خلفي فان ضللت فأرشديني إلى الطريق فانا قوم لا ننظر في ادبار النساء وعن المجمع قال امير المؤمنين (عليه السلام) لما قالت المرأة هذا قال شعيب : وما علمك بأمانته وقوته؟ قالت : أما قوته فانه رفع الحجر الذي لا يرفعه كذا بكذا ، واما أمانته فانه قال لي : امشي خلفي فأنا اكره ان تصيب الريح ثيابك فتصف لي جسدك.