باجرة الاستئجار ، وإلى زواجها باستدعائه أن يظل عندهم ، وذلك لا يناسب إلّا بزواج ، والقوة والأمانة هما الدعامتان في صالح الحياة الجماعية ، ولا سيما تأسيس الأسرة. ف (نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) كانت خطوة أولى تطمئنه نفسيا ، ثم (يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ) خطوة ثانية فيها حظوة الجنس ورياحة الجسم من صوت الأنوثة الأنيسة ، وما ألطفه دعاء للزواج.
وهنا يحس الأب الشيخ الكبير تجاذبا بين الجانبين وثقة متبادلة بين الطرفين ، بعد ما تأكد صلوحا في موسى قوة وأمانة ، فاستجاب من فوره لاقتراح ابنته :
(قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) ٢٧.
وترى (إِحْدَى ابْنَتَيَّ) هي التي قالت يأبت استأجره؟ وصيغته الصالحة الصريحة «اني أريد ان أنكحك إياها»! ، أم هي الأخرى؟ فالأخرى!
إن التعمية هنا هي أولا ستار على موقف الأولى ابعادا عن رخاصتها ، وهي ثانيا تخيير له في اختيار أيتهما شاء دونما تسيير عليه بحصر على الأولى.
وقد نتعرف هنا إلى الصيغة الصالحة للنكاح (أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ) حيث المفعول الأوّل المنكح هو الزوج ، والثاني المنكح له الزوجة وكما في اخرى (زَوَّجْناكَها) (٣٣ : ٣٧) (وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) (٤٤ : ٥٤) فلا معاكسة في صيغة النكاح ك «زوجتك نفسي» أمّا شابه.
وهكذا عرضت إحدى ابنتيه ان يأجره أبوها ، ثم عرض الأب عليه بكل بساطة زواجه بها لما عرف الكفائة من الجانبين ، عرضاه في غير التواء