ولا تحرّج ، خلاف التقاليد المصطنعة الباطلة التي أصبحت سنة الزواج ، إذ تحتم خطبة النساء على الرجال وأوليائهم أو وكلائهم ، دون جانب المرأة ، رغم المخالطة والمكاشفة أحيانا بين بعضهم لبعض دونما خطبة ولا نكاح ، فأما إذا حان حين الزواج فلتكن الخطبة من جانب الزوج ، وإلّا فهي رخيصة بخيسة إذ عرضت نفسها للزواج أو عرضت له!
ولقد كانت النساء يعرضهن انفسهن على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) فيؤوي إليه من يشاء منهن ويرجي من يشاء ، فيعرضها على من يستصلحه لها ، مزودا لهن بترغيب ودونما تعييب أو تأنيب ، ونموذجا من ذلك نص الأحزاب (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) (٥٠).
وترى كيف يصح كون الصداق لصالح ولي البنت وبقراره : (عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ..) والصدقات تخص البنات دون الأولياء؟.
علّه لأنه كان مؤذونا في الأمرين كما تطلّبت اليه : (يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ) فاستأجره كما استصلح لصالح العائلة عامة وللبنت خاصة ، إذ هي من ضمن من يستفيدون من ذلك الايجار ، ام انه يحق لولي (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) (٢ : ٢٣٧) مهما كان موردها العفو عن نصف الصداق بطلاق قبل وقاع ، إذ لو لم يكن له حق في صداقها لما حق له العفو عنه نصفا أمّاذا ، وكيف يصح هكذا قرار للصداق حيث لا يعلم الوفاء به إذ ما تدري نفس متى تموت؟ إنه قد لا يصح هكذا ، إلّا «أن موسى علم أنه سيتم له شرطه» (١) فحين لا يعلم الوفاء كان الصداق معلقا غير مقطوع به
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ١٢٣ عن المجمع روى الحسن بن سعيد عن صفوان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ـ لما قيل له : فدخل بها قبل ان بمضي الشرط أو بعد انقضاءه؟ ـ