ولأن «ردءا» هي المتابعة للإعانة فقد تطلّب إلى ربه أن يجعله وزيرا له يزر عنه عبء الرسالة الحرجة ، و «ردء» مصدرا مبالغة في تلك الوزارة المعنية ألّا شغل له في ذلك الحقل إلّا الوزارة دونما استقلال ولا استغلال.
(قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ) ٣٥.
«عضدك» هنا هو عضد الرسالة ان يعاضد فيها بأخيه (وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً) قاهرا على فرعون وملإه ، دون اي سلطان لهم عليكما لا قتلا ولا تكذيبا ، إذا فهو سلطان القوة إلى سلطان الحجة لمكان (فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما) قتلا أو تكذيبا «بآياتنا» التي هي السلطان نفسه ، فذلك السلطان ـ الآيات ـ له جانبان ، جانب المنعة عن الوصول إليكما : (فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا) وجانب الغلبة لكما عليهم : (بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ)(١) ، وقد تعني «آياتنا» هنا كل التسع التي أرسل بها إليهم ، وهي الطالعة من العصا ومن يده البيضاء ، ومن تلك الغلبة الموعودة الشاملة نتلمح أن السحرة ما صلبوا بما آمنوا ، لأنهم أصبحوا من أفضل «من معكما» فقد غلبوا على فرعون كونا إذ لم يصلبوا وكيانا في الحجة الغالبة لأن سحرهم ـ فقط ـ كان حجة ، وهم أولاء الذين آمنوا بموسى دونما تخوف من تألّب أو تصلّب وسواه ، متصلبين في هداه.
وهذه طمأنة ربانية للداعية على طول خط الدعوة فلا يخاف عقبة في أولاها وعقباها ، فإنهما لم يذهبا إلى الطاغية مجردين حتى يخافاه ، بل هما
__________________
(١) ف «بآياتنا» هنا تتعلق ب «لا يصلون» و «الغالبون» وما أجمله جمعا بينهما.