حدوثها ومربوبيتها ، فان ادعي قدمها فالى ما لا ينكر في حدوثه (رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ) حيث الإنسان مخلوق على أية حال ، ثم استدلالا لوحدة الربوبية بنظام الشروق والغروب ، كالحجة الابراهيمية مع نمرود ، وهذه الثلاث تشترك في التعريف بالآثار حيث الذات الألوهية وصفات الذات لا تعريف لها ذاتيا إلا بالآثار والأفعال وهي صفات الفعل.
ولما ينتهي امر الحوار إلى إيقاظ الشعب ، يترك فرعون حواره العار إلى التهديد :
(قالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ)(٢٩).
وهذه نهاية الحوار من كل جبار لا يملك برهنة على جبروته ، قتلا أو نفيا أو سجنا ، ولكيلا يوقظ الجماهير فتتخلّف عن ملكته الجابرة وسلطته العاهرة ، ولأنه يزعمه الرب الأعلى ، لذلك يتناسى الآلهة الأخرى ، ف (إِلهَاً غَيْرِي) يعني الرب الأعلى ، دون الأرباب الأدنين الأخرى ، فانه كانت له آلهة تعبد.
و (مِنَ الْمَسْجُونِينَ) قد توحي أنه كان في ملكه من يعبد إلها غيره كأصل الألوهة ، الله أم سواه ، ام كانوا في التخلف عن السلطة الفرعونية كمثل موسى.
أتراه يجيبه بما أجاب خوفة من السجن؟ وهو استمرار سلفه الصالح يوسف القائل (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ)!
انه يحاول إبانة الحق المرام كما يرام ، فلا يشير إلى سجن وسواه حتى يهديه هداه ، ثم وفي نهاية المطاف يستسلم لما يجري في سبيل الدعوة والله هو المستعان على ما يصفون.
وترى موسى بماذا يجيب الطاغية عن تهديده العارم ، انه يوجهه إلى واجهة اخرى خارقة :