منهم (أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ) وهم يحسبونه علما ألّا إله إلّا فرعون ، ولا مرجع إلى الله ، فلا علاج لهؤلاء الحماقى الأنكاد إلا أخذا ونبذا :
(فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) ٤٠.
هذه عاقبتهم يوم الدنيا فكيف ـ إذن ـ عاقبتهم يوم الدين ، وقد تبين (مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ).
ويا له من اختصار حاسم قاصم ، أخذ ونبذ في اليم كما تنبذ الثفالات وتحذف الحصاة ، نبذ في ذلك اليم تمليصا ، اليم الذي القي فيه موسى تخليصا ، هذا مأمن وملجأ ، وذلك مكمن عليه ومهلكة ومضجع (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ).
(وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ) ٤١.
جعل تكويني لإمامتهم النارية يعني أنه تعالى ما منعهم عنها كما لم يمنعهم قسرا عن كفرهم ، فخلى بينهم وبين ضلالهم وإضلالهم ، ثم يذرهم في طغيانهم يعمهون (وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) (٧ : ١٨٣).
ف «جعلناهم» بين مثلث التكوين تخييرا في ضلال وإضلال ، ثم ايكالا لهم إلى أنفسهم جزاء وفاقا : (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) ـ (وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) (٤١ : ٢٥) (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ. وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) (٤٣ : ٣٦) (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) (١٩ : ٨٣). هكذا جعلناهم بما بغوا وطغوا ، كما عكسناه لآخرين (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ) (٣٢ : ٢٤) واين جعل من جعل ، والآخر تشريعي إلى كونه تكوينيا جزاء