الجيل المشرك بكل الرسالات (أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ) كما كفروا بما أوتيت يا محمد من بعد (١) إذ «قالوا» فيك وفي موسى على سواء (سِحْرانِ تَظاهَرا وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ).
والحل (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) (٦ : ١٢٤) ـ (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ) (٢٩ : ٥١) وليست من لزامات آيات الرسالات المشابهة إلّا في التدليل على صدقها وهي دالة حيثما حلت ، فالمشركون لم يكونوا صادقين في اعتذارهم ، إذ كانوا مع أهل الكتاب في الجزيرة فلم يصدقوا بما أوتي موسى من قبل ، فهنا الاعتذار باعتراض : (لَوْ لا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى) مردود عليهم بنقض المثل (أَوَلَمْ يَكْفُرُوا ..) فما ذا تفيدهم المماثلة المقترحة إلّا مماثلة الكفر ، ولا يزيدون غير تخسير.
كما و «قالوا» أهل الكتاب هودا أو نصارى نفس القالة : (وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ ..) (٦ : ١٢٤). (أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ) كفرا بإشراك حيث عبدوا العجل ، وكفرا في مواضع عدة كقصة البقرة واضرابها ، وكفرا بالبشارات المحمدية المودوعة في التوراة «قالوا» هؤلاء الكفرة من أهل الكتاب لموسى وهارون ، وللتوراة والقرآن (سِحْرانِ تَظاهَرا) لا «ساحران» تعميقا في فرية السحر كأن كل كيان الكتابين والرسولين سحر (إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ)!.
__________________
(١) الواو في «أولم» عطف على محذوف هو الكفر بالرسالات السابقة والرسالة الأخيرة ، فهم في ثالوث الكفر بالرسالة ما تشابه منها وسواها.
ثم «من قبل» كما تتعلق ب (أَوَلَمْ يَكْفُرُوا ..) قصدا إلى المشركين زمن موسى ، كذلك تتعلق ب (ما أُوتِيَ مُوسى) قصدا إلى الحاضرين ، توحيدا بين الحاضرين والغابرين في ذلك الكفر المماثل.