ومهما كان المعنيان معنيين من «سحران» ولكنما الأصل هنا هما الكتابان كما يشهد له (أَهْدى مِنْهُما) كجواب التحدي فيهما : (سِحْرانِ تَظاهَرا) بغير مظهرهما كأنهما آية بينة ، وأظهر القول هنا هو من المشركين ، والكتابيون معنيون على هامشهم ، فالنقض يشملهما جميعا مهما اختلفت دركاتها في كفرهما ، وإلى جواب ثالث تحديا ان يأتوا بمثل التوراة والقرآن :
(قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ٤٩.
وحين لا بد في الرسالات الإلهية من كتب الوحي (فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما) : التوراة والقرآن (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في فرية السحر ، فأتوا من عند الله بغير سحر هو أهدى منهما اتبعه ، وذلك تنازل في التحدي ، فانه من واجهة اخرى قبلها (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ... إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٢ : ٢٣).
وترى التوراة الحاضرة هي كتاب هدى مطلقة حتى يتحدى بها؟ علّ القصد هنا إلى التوراة الأصيلة ، أم والحاضرة المهيمن عليها القرآن مخطّئا أخطاءها ومصوّبا صوابها ، ثم التحدي بهما جميعا ولا أهدى منهما جميعا ولا مثلا لهما! ، ثم الهدى في بعد الدعوة الرسالية ماثلة في التوراة الأصلية مهما لم تكن في بعد الحجة للداعية.
(فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) ٥٠.
(فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ) ولن «فاعلم» ثباتا على علمك بالوحي بمزيد علم من ذلك التحدي «انما» ليس إلّا (يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ) لا عقولهم المتحللة عنها ، غير المحجوبة بها ، وذلك هو الضلال البعيد أن متبع الهوى