هي ـ حتى المقدرة ـ ان تدرء السيئة بالحسنة ، فقد تكون الحسنة هي التقية وأخرى هي الجهاد والمقاتلة كل في سبيل الحفاظ على صالح الايمان والمؤمنين ، فالحياة التي تفني فى سبيل القضاء على الكفر هي من الحسنة التي تدرء بها السيئة ، كما وكلما ينفق من مال وحال ومنال وعقل وعلم في سبيل درء السيآت هي من الحسنة ، «فلا تكونن ممن يقول في شيء أنه في شيء خاص» ما وسعت الدلالة لمداليل واسعة شاسعة.
(وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) ٥٥.
أولئك الأكارم من أهل الكتاب ، المؤمنون بالقرآن ونبيه هم صابرون في ايمانهم صامدون ، ومن تصبّرهم في الله (إِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ) حين انتقلوا من كتابهم الى القرآن ، سمعوا من أهل ملتهم السابقين (أَعْرَضُوا عَنْهُ) والإعراض عن اللغو هو عدم التأثّر به ، والإجابة عنه ، وهو من شيم المؤمنين الصادقين (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) (٢٥ : ٧٢) ولم يقولوا لغوا جوابا عن لغو بل (وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ) فلما ذا اللغو إذا ، فكما لا نسمعكم لغوا إذ لم تؤمنوا فلا تسمعونا لغوا إذ آمنا ، وليس منها إلّا (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) في لفظة القال وواقع الحال والأعمال (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً)! (لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) اللاغين بلغوا لقول وزخرفه رغم ما يبغون علينا هؤلاء المجاهيل ، وهذا من درء السيئة بالحسنة ، (لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) إلّا أن ننصحهم ونهديهم إلى صراط مستقيم.
وهذه مفاصلة حسنة بينهم وبين اللاغين ، اعراضا عن المقابلة بالمثل أولا ، وجدالا بالتي هي احسن ثانيا ، وسلام عليهم اعلاما انهم ليسوا لهم إلّا سلامة ثالثا ، ثم متاركة معهم أخيرا : (لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) أن نكالمهم