أم إنها الكنوز نفسها؟ وليست هي مفاتح ، ولا أنها مفاتيح لنفسها! ولا أن حمل العصبة العشرة أولي القوة ، ثروة منقطعة النظير!.
إنها «مفاتحه» جمع مفتح ، وهو مكان فتح الكنز وهو بابه ، والضمير المفرد الغائب راجع إلى «ما» فقد كانت أبوابها كبيرة وثقيلة لحد (لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ) والنوء هو النهوض بالحمل على ثقل للحامل ، والعصبة من يتعصّب بعضهم لبعض متضامنين في قواتهم كرجل واحد ، ولو كانت هي المفاتيح لكانت المفاتيح دون المفاتح ، ولكانت تناء بالعصبة لا «تنوء» فهي ـ إذا ـ أبوابها العريضة الثقيلة التي تنهض بالعصبة أولي القوة ، كما وأن باب خيبر كانت لتنوء بالعصبة ونهض الإمام علي (عليه السلام) بفتحها شخصيا دون حاجة إلى سواه! ... ولقد كان مرحا فرحا بما أوتي من الكنوز جامحا شرها في بغيته بما أوتيه ، فوجد من قومه من يحاول رده من بغيه باستئصال سببه وهو فرحه بكنوزه : (إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ) بما لك فيلهيك عما يعينك (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) بأموالهم وعلى أية حال ، إلا فرحا بالفوز عند الله ، ولحدّ يشجع صاحبه إلى ما يرضاه الله ، (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ. بِنَصْرِ اللهِ ..) (٣٠ : ٤) ومن سواهم يفرحون بالحياة الدنيا بغير الحق : (وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ) (١٣ : ٤٦) ـ (ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ) (٤٠ : ٧٥) ـ (حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً) (٦ : ٤٤).
ف «لا يحب» يختص بهؤلاء الفرحين دون أولئك المؤمنين ، ولأن الله يحب فريقا ويبغض آخرين ، ف «لا يحب» عبارة اخرى عن «يبغض» ، وكما «لا يبغض» هي الأخرى عن «يحب» ، وذلك لأن الله عالم الغيب والشهادة وبيده ناصية كل شيء ، لا انعزالية له عن أيّ من المخلوقين ، فلا ثالث عنده ألّا يحب ولا يبغض ، فإنه إما لجهل بمادة الحب والبغض ، أم جهل بمن