يحملهما! ففرح الزّهو الذي هو من مخلّفات الاعتزار بالمال ، والاحتفال بالثراء وحسن الحال ، إنه بطر يلهي عما يعنى ، وينسي النعمة والمنعم وما يتوجب على المنعم.
كما أن فرح الشكر بما أنعم الله ، مستخدما في سبيل مرضات الله ، تفريحا للمؤمنين بالله وتفريجا عن عباد الله ، إن ذلك فرح الإيمان كما نراه من أهل الله ، هنا وفي يوم لقاء الله : (فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) (٣ : ١٧٠) ف «لا تفرح بكثرة المال ولا تدع ذكري على كل حال فان كثرة المال تنسي الذنوب وترك ذكري ينسي القلوب» (١) ، وذلك نهي صارم عن فرح عارم ، ومن ثم أمر ثم نهي ثم أمر ثم نهي ، فإنهما القائمان بالإصلاح في المفسدين.
(وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) ٧٧.
الابتغاء هو التطلّب ، فهم يأمرونه أن يتطلب فيما آتاه الله من الكنوز
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ١٣٨ في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام قال : أوحى الله تبارك وتعالى إلى موسى (عليه السلام) : لا تفرح .. وفيه عن امير المؤمنين (عليه السلام) حديث طويل وفيه : والفرح مكروه عند الله عز وجل ، وفيه عن كتاب التوحيد باسناده إلى أبان الأحمر عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام انه جاء اليه رجل فقال له : بأبي. وامي عظني موعظة فقال (عليه السلام) : إن كانت العقوبة من الله عز وجل حقا فالفرح لماذا؟
وفي الدر المنثور ٥ : ١٣٧ عن أبي الدرداء قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): زر القبور تذكر بها الآخرة واغسل الموتى فانه معالج جسد خاو وموعظة بليغة وصل على الجنائز لعل ذلك يحزنك فان الحزين في ظل الله يوم القيامة.