وسواها من النعم آفاقية وانفسية (الدَّارَ الْآخِرَةَ) لا فحسب هذه الأدنى ، إخلادا إليها ، ومشية المكبّ عليها ، (وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ) الحياة «الدنيا» فلا نصيب لك أخيرا فيها إلا الكفن ، إذ لا تسحب معك غيره فتصحبه في الأخرى ، ولا في الأخرى إلّا متاعها أن تشري ذلك الأركس الأدنى بالحياة العليا ، ولا لك قبلهما إلا قدر الحل من الحاجة المعيشية والزائد عليها وبال هنا وفي الأخرى ، فلتغتنم الفرصة السليمة لك فيها قبل فوات الأوان ، فما لك نصيب من الدنيا فيها وفي الأخرى إلّا هذه الأربع ، من ينساها أخلد إلى الأرض واتبع هواه وكان امره فرطا ، و (نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا) لا «فيها» مما يدل على ان النصيب منها يعني صالح الدارين ، فالحياة الدنيا لكلّ على قصرها هي بكل جنباتها نصيب المتاع للأخرى ، فليتزوّد منها لها ، من نسي النصيب المتاع أقبل إليها مبصرا إليها فيعمى ، ومن تمتع بها للأخرى مبصرا بها أبصرته.
فالذاكر نصيب الحاجة من الدنيا يوسع على خلق الله فيما زاد عنها (١) والذاكر نصيب رأس المال فيها مالا وحالا يتجر بها للأخرى (٢) والذاكر نصيب الكفن منها لا يطمئن ويركن إليها ، «وأحسن» إلى عباد الله (كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ) «وأحسن» في نفسك أعمالك لله (كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ)
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ١٣٩ في الكافي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يؤتى يوم القيامة برجل فيقال : احتج ، فيقول : يا رب خلقتني وهديتني وأوسعت عليّ فلم أزل أوسع على خلقك وأيسّر عليهم لكي تنشر عليّ هذا اليوم رحمتك وتيسره فيقول الرب جل ثناءه وتعالى : صدق عبدي أدخلوه الجنة.
(٢) المصدر عن معاني الأخبار باسناده الى موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر قال حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الآية قال : لا تنس صحتك وقوتك وفراغك وشبابك ونشاطك ان تطلب بها الآخرة.