الدرب على من يريدون صالح الحكم بلا علو في الأرض :
فحينما تجتمع عليه الأمة الحائرة المظلومة ـ قاصرة ومقصرة ـ ليبايعوه يقول : «دعوني والتمسوا غيري فإنا مستقبلون أمرا له وجوه وألوان لا تقوم له القلوب ولا تثبت عليه العقول وإن الآفاق قد أغامت والمحجة قد تنكرت واعلموا إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب وإن تركتموني فأنا كأحدكم ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم وأنا لكم وزيرا خير لكم مني أميرا» (١).
«وبسطتم يدي فكففتها ومددتموها فقبضتها ثم تداككتم علي تداك الإبل الهيم على حياضها يوم ورودها حتى انقطعت النعل وسقط الرداء ووطيء الضعيف وبلغ من سرور الناس ببيعتهم إياي أن ابتهج بها الصغير وهدج إليها الكبير وتحامل نحوها العليل وحسرت إليها الكعاب» (٢).
«فأقبلتم إلي إقبال العوذ المطافيل على أولادها تقولون : البيعة البيعة ، قبضت يدي فبسطتموها ونازعتكم يدي فجذبتموها» (٣).
«فما راعني إلا انثيال الناس حولي كعرف الضبع ينثالون علي حتى لقد وطيء الحسنان وشق عطفاي مجتمعين حولي كربيضة الغنم» (٤).
«إني إلى لقاء الله لمشتاق وإلى حسن ثوابه لمنتظر راج ولكنني آسى أن يلي أمر هذه الأمة سفهاءها وفجارها فيتخذوا مال الله دولا وعباده خولا والصالحين حربا فإن منهم الذي قد شرب فيكم الحرام وجلد حدا في
__________________
(١) نهج البلاغة الخطبة ٨٨ ص ١٨٢ عبده.
(٢) الخطبة ٢٢٤ ص ٢٤٩.
(٣) الخطبة ١٣٣ ص ٢٧.
(٤) الخطبة الشقشقية ١٣٣ : ٢٧.