الإسلام ، وإن منهم من لم يسلم حتى رضخت له على الإسلام الرضائخ ، فلولا ذلك ما أكثرت تأليبكم وتأنيبكم وجمعكم وتحريضكم ولتركتكم إذا أبيتم وونيتم (١) : «اما والذي فلق الحبة وبرء النسمة لو لا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر وما أخذ الله على العلماء ألا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم لألقيت حبلها على غاربها ولسقيت كأس آخرها بكأس أولها ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عطفة عنز» (٢).
«فو الله لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن جور إلا علي خاصة»! ...
«فقمت بالأمر حين فشلوا ، وتطلعت حين تمنعوا ، ومضيت بنور الله حين وقفوا ، وكنت أخفضهم صوتا وأعلاهم فوتا ، فطرت بعنانها ، واستبددت برهانها ، كالجبل لا تحركه العواصف ولا تزيله القواصف ، لم يكن لأحد في مهمز ، ولا لقائل في مغمز ، الذليل عندي عزيز حتى آخذ الحق له ، والقوي عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه ، رضينا عن الله بقضائه وسلمنا لأمره» (٣).
اجل وان هؤلاء الطيبين لا يقوم في نفوسهم خاطر العلو في الأرض والاستعلاء بأنفسهم لذوات أنفسهم ، ولا يهجس في قلوبهم الاعتزاز باشخاصهم ، فانما يتوارى شعورهم بأنفسهم ليملأها الشعور بالله وإعلاء كلمة الله.
__________________
(١) الكتاب ٦٢ ص ١٣١ عبده.
(٢) تتمة من الخطبة الشقشقية.
(٣) الخطبة ٣٦ ص ٨٤ ـ أقول : راجع كتابنا علي والحاكمون تجد فيه تفصيل البحث عن حق الحكم والولاية الحقة.