(وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) وهي الحياة العاقبة لمسيرة الحياة ومصيرته لمختلف الأحياء ، هنا في الرجعة وهناك في البرزخ والقيامة ، والمتقون هنا هم الذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا ، فضلا عن أن يحاولوا الاستعلاء ، اللهم إلّا إعلاء لحكم السماء في أرض الله.
(مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ) ٨٤.
علّ «الحسنة» هنا هي الحياة الحسنة المحلّقة على العقيدة والنية والعمل ، والسيئة خلافها ، و (خَيْرٌ مِنْها) هي أضعافها بادءة من عشرة (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ..) (٦ : ١٦٠) وهذه ضابطة ثابتة ، وقد تزيد حسب مزيد الحسنة أثرا وكيانا كما في آيات ، ولأن السيّئة لا يجازى بها صاحبها إلّا العملية ، دون سوء النية (فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
فالحسنة المضاعفة الجزاء يعم الأعمال والنيات والطويات ، والسيئة المكافحة تخص الأعمال دون النيات ، وأما العقائد السيئة فبارزة الأعمال فيها داخلة في الأعمال ، وسيئه العقيدة دون عمل تشملها الآيات الواعدة سيئي العقائد النار ، أم هي داخلة في (عَمِلُوا السَّيِّئاتِ) شمولا لأعمال القلوب والقوالب ، وليست النية عملا ، بل هي نية العمل ، يثاب على حسنتها دون سيئتها ، ثم (إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ) حصر لجزاء السيآت على قدر الأعمال ، فنفس العمل السيء هو جزاءه إذ يبرز بحقيقته يوم تبلى السرائر ، وليس غير المحدود صورة واقعية للسيئة المحدودة إلّا مزيدا غير محدود وهو ظلم (وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً)!
ثم (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ ..) تحدد موقف الحسنة والسيئة أنه حين