المجيء إلى عالم الجزاء ، فالحسنة ـ إذا ـ هي عاقبة الحياة الحسنة ، مهما كانت سابقتها أيضا حسنة أم سيئة.
(إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ٨٥.
(فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ) هو الفرض الرسالي تلقيا لوحيه وتفهما له وتطبيقا بنفسه وتبليغا للمرسل إليهم ، وقد ذكر من فرضه عليه تلاوته (وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ ..) (٢٧ : ٩٢) (وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ) (١٨ : ٢٧) (يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ).
ولأن القرآن هو الوحي الأخير الشامل كافة المكلفين الى يوم الدين ، ففرضه الرسالي البلاغي هو البلوغ إليهم أجمعين ، وبأحرى منزل وحيه الأول أم القرى فانها عاصمة الدعوة القرآنية.
ثم (لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) وهذه آية منقطعة النظير في صيغة الفرض والرد إلى معاد ، مما يضخّم أبعاد رده (صلى الله عليه وآله وسلم) الموعود إلى معاد ، فما هو «معاد»؟
أتراه معاد الآخرة إلى الجنة (١)؟ ولم يكن فيها حتى يرد إليها! والصيغة الصالحة له «الجنة» دون «معاد» منكرا ، ولا حتى «المعاد» معرفا ، لأنها اليتيمة التي تحمل لفظ «معاد» دون سواها من كل آيات المعاد!
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ١٤٠ ـ اخرج الحاكم في التاريخ والديلمي عن علي (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لرادك إلى معاد «قال : الجنة.