العوان لرسول الهدى بين الخوف والرجاء!
إذا فلم يكن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يتطلع إلى الرسالة ، فانها اختيار الله له كما لسائر الرسل ، حيث المعرفة مهما كانت قمة لا تتطلب بمفردها الانتصاب للرسالة ، فهي رحمة من الله و (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) رحمة غالية عالية توهب للمتأهلين كما يعلم الله ويختار ، دون المتطلعين ، وقد اختار للرسالة الأخيرة من لم يتطلّع إليها ، بل ولم يرجها ، أو لم ير نفسه مستأهلا لها تطامنا لله واتكالا على رحمة الله؟.
أو كان يرجوها (رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) الذي رباك تربية تؤهلك لهذه الرسالة السامية ، رجاء رحمة من ربك ، وعدم الرجاء اعتبار بنفسك كأحد من الناس مهما كنت بالغ العقل والزهادة!.
إذا (فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ) كما لم يكن ولن ، وإنما ذلك النهي إعلان على رءوس الأشهاد في هذه الإذاعة القرآنية استئصالا لآمال الكافرين أن يظاهرهم أو يماريهم ، بل هي مفاصلة دائبة ، ام مواصلة بالحق المبين والدين المتين ، دون تقسيم للبلد بلدين ، بانقسام الدعوة شطرين.
وهنا صلة وثيقة بين (ما كُنْتَ تَرْجُوا ..) وبين (لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) ان عدم الرجاء في إلقاء الكتاب أولى من عدمه في رده إلى معاد ، وهنا وعد دونما هناك فلترج ما وعدناك من ردك إلى معاد ، اكثر مما لم نكن نعدك من إلقاء الكتاب ، ولتعش رجاء رحمة من ربك دون تلكّع ولا تزعزع مهما عارضك العالمون ، فموسى الذي قتل القبطي خطأ خلّف عليه تأخّر الرسالة والبعد عن معاد الدعوة ، رددناه إليه رسولا ، فأنت الذي ما أخطأت طول عمرك في أيّ من أمرك ، اقرب إلى الرسالة إلقاء للكتاب عليك ، واقرب إلى ردك الى معاد الدعوة ، وهذه نعمة لك عظيمة تتطلّب ألّا تكون ظهيرا للكافرين ،