وكما موسى (رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ) (٢٨ : ١٧).
وهنا الله بما أنعم على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) إلقاء الكتاب والردّ إلى معاد ، يتطلب إليه ما تستحكم به عرى الدعوة الرسالية ، لا جزاء فإنه غير مفتاق إلى جزاء ، وإنّما تنمية للدعوة المحضرة للعالمين ، فهنا نجده في خماسية الطلبات الربانية كدعامات خمس لهذه الدعوة الوامضة الناهضة الباهظة : هي سلبيات اربع بايجابية واحدة (ادْعُ إِلى رَبِّكَ) حيث الدعوة الصالحة إلى الرب تتطلب هذه السلبيات قبلها لتستحكم عراها وتحمى حماها.
(وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ٨٧ وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) ٨٨.
مواصلة واحدة (وَادْعُ إِلى رَبِّكَ) تتقوم بمفاصلات أربع ، وهي تتوسطها هنا ، وفاعل (لا يَصُدُّنَّكَ) هو كونه ـ وعوذا بالله ـ ظهيرا للكافرين ، كخلفيّة أولى لذلك الظهر الظهير ، أن يصده عن آيات الله ، في اي حقل من حقولها ، والتأكيد في (لا يَصُدُّنَّكَ) يؤكد النهي عن كونه ظهيرا لهم ، أن يتهاون في تلقي الوحي وإلقاءه ، بإلغائه عن فاعلياته ، ام يتهاوى بما يكذبونه فيه أنه سحر أو جنّة أم كهانة أما هيه؟.
ثم (وَادْعُ إِلى رَبِّكَ) امر بالمضيّ الصارم في دعوته الناصعة الناصحة ، بعيدة عن كافة النزعات والانتزاعات والرغبات إلا إعلاء كلمة الله العليا ، وإلغاء كلمة الذين كفروا السفلى ، ثم (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) بالله على أية حال ، وإن شركا خفيا كدبيب النمل ، فانه يقصم ظهر الداعية ، ويفصمه عن صالح الدعوة.
(وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) مهما كان مصلحيا لاجتذاب المشركين كما اقترحوه عليه : «أعبد آلهتنا سنة نعبد إلهك سنة» فنزلت سورة «الكافرون» ثورة