(وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ)(٥٢).
أترى فرعون طبّق على السحرة المؤمنين ما أوعدهم؟ لا إشارة له! ولو كان لبان كحدث هائل في تاريخ الرسالات ، قتلا وصلبا جماهيريا لحشد كبير من السحرة! والجوّ آنذاك ما كان يسمح أو يفسح مجالا لهذه القتلة الهائلة ، فإن غلب الحق في تلك المباراة أوقع على فرعون وملئه أثقل الوقعات ، فكيف يجرأ على هذه العملية الفاتكة بحق الكبراء من قومه الخصوص ، وقبل أن يلاحق موسى ومن معه؟! وطبيعة النقم على الفرعونية الجبابرة تقتضي التصريح بهذه القتلة لو حصلت ، تأكيدا لايمان من آمن من قومه ، وتبديدا للفعلة الفرعونية الطاغية!.
قد تلمح (أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي) انهم هم السحرة المؤمنون حيث حققوا حق العبودية لله ، ام ـ ولا قل تقدير ـ انهم منهم ، ف «عبادي» هم بنوا إسرائيل والسحرة المؤمنون ، بل وجموع آخرون ممن دخلوا في زمرتهم في الردح الفاصل من الزمن بين المباراة والإسراء إلى جانب اليم ، فلم يكن موسى الرسول وأخوه بمن معهما من المؤمنين سكوتا لا ينطقون فلا يدعون إلى الله طول هذه المدة وهم على بينة قاضية شاهرة بين الجماهير!.
فقد كان الايمان لموسى مثلثة الزوايا ، السحرة بطبيعة الحال ، وجماعة آخرون من القبط ، وجماعة من بني إسرائيل ، قد يشملهم كلهم آية يونس التالية للمبارات (فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ)(١).
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٥٣ فحبس فرعون من آمن بموسى (ع) في السجن حتى أنزل الله عز وجل عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم فأطلق عنهم فأوحى الله عز وجل إلى موسى «أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ».