لقد أسرى موسى بعباد الله ليلا نحو اليمّ بسرعة خارقة بارقة ، وسمع فرعون بهذه المكيدة النابغة (فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ) المصرية ككل «حاشرين» يجمعون الناس ليسمعوهم تالية الدعايات ضد الرسالة الموسوية وأتباعها :
«إن هؤلاء» الشاردون «لشرذمة» : جماعة منقطعة عما يصلحها ، مطرودة عن مجتمعنا ، بقية بالية باقية من بني إسرائيل «قليلون» عدة وعدة. «وانهم» على قلتهم وعلتهم (لَنا لَغائِظُونَ) من سوء صنيعهم بين شعبنا ودعاياتهم المضللة فيهم.
(وَإِنَّا لَجَمِيعٌ) مجتمعون ، في سلطتنا زمنيا وروحيا «حاذرون» عما يصطدمها روحيا وزمنيا «شاكون في السلاح» (١) ، لذلك فانا نتتبعهم فنتبعهم فنقضي عليهم إزالة للفساد وإصلاحا للبلاد.
ذلك كيد فرعون وملإه ليقضي قضاء حاسما على شرذمة قليلة مغيّضة له ، ولكن الله يعكس امره ضده :
(فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٧) وَكُنُوزٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ (٥٨) كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها (٢) بَنِي إِسْرائِيلَ)(٥٩).
كيف وهم خرجوا متّبعين ، ينسب الله خروجهم إليه؟ حيث قدّر في خروجهم إخراجهم ، وفي اتباعهم موسى ومن معه إحراجهم ، «كذلك» فعلنا بهم (وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ).
(فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ)(٦٠).
__________________
(١) تفسير البرهان ٣ : ١٨٣ تفسير القمي في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (ع) في قوله «لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ ... وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ» يقول : مؤداة في الأداة وهو الشاكي في السلاح.