لتقصير أو قصور وهو يعم سائر المؤمنين ، (إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) وابراهيم يدعو بما يدعو ولمّا يؤت حكما ، وهو على تخوّف من عاقبة حاله يوم الدين ، فلأن (يَوْمَ يُبْعَثُونَ) هو (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ) فلا ناصر ـ إذا ـ إلّا الله.
وهل الآية (يَوْمَ لا يَنْفَعُ ..) إلى سبعة عشر آية هي من تتمة دعاء ابراهيم؟ وهو بعيد كل البعد عن حالة الدعاء ، ان تشمل على تفاصيل لا صلة لها بالدعاء إلّا تعريفا لمن لا يعرف! فهي ـ إذا ـ من كلام الجليل يلحّق بها دعاء الخليل ، تكملة للمعرفة في هذه الإذاعة القرآنية.
(يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ) إذ ليس هنالك مال ، ولا ينفع يومئذ مال الدنيا بما هو مال لزوال المجال ، (وَلا بَنُونَ) حيث تنقطع هناك كل الصّلات : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) (٢٣ : ١٠١) ـ (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) (٦ : ٩٤).
اجل انه (يَوْمَ لا يَنْفَعُ ..) ـ (إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) فينفعه ماله الذي قدمه في سبيل الله ، وبنوه الذين رباهم على شرعة الله ، فان كان له مال وبنون فاستثناء متصل ، وإن لم يكن له مال ولا بنون فقد يكفيه قلب سليم ، فاستثناء منقطع ، والجمع بينهما أجمل وأكمل ، حيث المال المصروف في الله ، والبنون الصالحون ، هما في الباقيات الصالحات : (الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلاً) (١٨ : ٤٦) فهناك النفع ينحصر في قلب سليم بمخلفاته مهما لم يكن لصاحبه مال ولا بنون ، وينحسر عن قلب غير سليم مهما كانت لصاحبه اموال وبنون.