فإيمانهم الموعود شريطة طرد المؤمنين : «الأرذلون» في حسابهم هو خلاف متن الايمان وقضيته ، حيث يوحّد بين قبيل المؤمنين ، فلا أكرم عند الله منهم إلّا أتقاهم ، ولا فوارق بينهم إلّا تقواهم ، فهي التي توحّد صفوفهم ، وهي التي تميز بينهم بفاضلها.
هنا نجد الجواب الحاسم من نوح في حلقات أربع كل واحدة تكفي حسما لعذرهم الغادر :
(قالَ وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) ١١٢.
فإن كانت «الأرذلون» حالتهم السابقة على الايمان ، فما علمي بأعمالهم السابقة؟ وإنما المعلوم عندي حالتهم الحالية وهي الايمان ، وذلك هو المطلوب منهم الآن أيا كانت أعمالهم السابقة.
وحتى لو كانوا محاسبين برذالة سابقة ـ ولا يحاسبون ـ «يغفر لهم ما سلف» بايمانهم الخلف ، ف :
(إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ) ١١٣.
ولست أنا المحاسب ، فما أنا إلّا رسول الإيمان إلى أيّ كان ، فحين تؤمن جماعة مهما كانت حالتهم السابقة رذيلة ، كيف أطردهم ، وما حسابهم عند الله إلا حسنا يسيرا فليس ـ إذا ـ (وَما عِلْمِي ... إِنْ حِسابُهُمْ) إلّا تنازلا في الحوار ، أن ليس عليّ حساب لو أنهم محاسبون بما كانوا يعملون ولن! ثم وما عليّ إلّا البلاغ المبين فقبولا لايمان من أقبل دون أية محاسبة.
(وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ) ١١٤.
فبأية حجة أطرد المؤمنين وما أحمل إلّا رسالة الايمان (وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ (٢٩) وَيا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٣٠) .. وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي