(أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(٩).
تعني الولاية هنا ـ بما توحيه «هو الولي» ـ الولاية الخاصة الإلهية في التكوين والتدبير والتشريع أم ماذا؟ فهذه الآية أخص من الأولى (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ..) وقد يكون التكرار هنا توطئة لبيان مصاديق هذه الولايات الخاصة من أن الله هو المرجع في كافة الاختلافات ، وأنه فاطر الأرض والسماوات وليس كمثله شيء في الأفعال والذات والصفات ، وأن له مقاليد الأرض والسماوات يبسط ويقدر ، وأنه الشارع من الدين شرائع ..
(وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)(١٠).
إن الاختلاف ـ أيا كان ومن ايّ وأيّان ـ لا مرجع فيه إلّا الله ، فالشيء المختلف فيه يعم كل شيء ، فإن «من شيء» توحي باستغراق ، و (فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ) تحصر الحكم الفصل فيه في الله وتحسره عمن سوى الله : (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (١٢ : ٤٠) اللهم إلّا رسول الله أو وليه الذي يحمل أمره عن الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (٤ : ٥٩) فالقاعدة في مثلث الطاعة هذه هي طاعة الله ، ثم الرسول وقد فصلت طاعته عن طاعته انفصال الفرع عن الأصل (١) ووحّد هذا الفرع مع فرعه (أُولِي الْأَمْرِ
__________________
(١) كما في الآيات التالية : «وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا» (٥ : ٩٢) «قل ـ