أم إن الثلاثة في النازعات متأخرة عن ثلاثة فصلت ، تأخر البارز عن الكامن ، فقد (جَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها) قبل بناء السماء (وَالْجِبالَ أَرْساها) بعدها ، ثم (وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها) بنزول تراكيب الماء من دخان السماء ولمّا تصبح بالفعل بركات وأقوات ، إذ كانت مخبيّات ، ثم (أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها) بعد بطونها وكمونها ، إذا فالثلاثة هي قبل بناء السماء دخانا أم سبع سماوات ، كامنة في الأرض ، وهي بعد ذلك ظاهرة ، وكما (الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) وهي الحركة المعتدلة التي هيأتها لفعلية الحياة ، وقد كانت شموسا في حراكات غير معتدلة.
ولأن (قَدَّرَ فِيها أَقْواتَها) قد تعني ـ فيما عنت ـ أقوات الفصول الأربعة ، لذلك فمن هذه الثلاث ما هو متأخر عن تسبيع السماء ، كما منها المتقدم عليه ، ونحتمل أخيرا ـ بناء على وحدة الثلاثة في فصلت والنازعات ظهورا وكمونا ـ أن للسماء بنائين اثنين بعد دخانها ، بناء اوّل انتج (رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها. وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها) وهي تعديل لها وتحريك عن حرّ الى قرّ لحدّ إنزال الماء ، وبناء ثانيا هو تسبيعها ، فآيات النازعات تعني البناء الأول إذ لم يذكر ضمن أفعالها الثلاثة تسبيعها؟ وآية فصلت تعني البنائين مع بعض ، ودحو الأرض وإخراج ماءها ومرعاها وإرساء جبالها كان بين البنائين!.
إذا فلا تنازع بين آيات فصلت والنازعات إلا تشابهات ترجع إلى محكمات والله اعلم بما أنزل من محكمات ومتشابهات.
وأمّا نظرات العلماء في انفصال الأرض عن الشمس ، فإنها على كونها فرضيات لم تصل لحد القانون العلمي القاطع ، ليست لتعارض صراح الآيات أنها خلقت قبل الشمس بمرحلتين ، وقد أثبت العلم أخيرا استحالة