بوحدته آية واحدة ، ترمز الى رحمات رحمانيته ورحيميته في الاولى والآخرة تستعرضها السورة ، لمسات من الرحمتين ، وإعلان عام في ساحة الكون ينطلق من الرحمان فيتجاوب به الكون كله ، فالكون كله ، والسورة كلها ، معارض ومظاهر لآلاء الرحمان «فبأي آلاء ربكما تكذبان»؟.
(الرَّحْمنُ) :
.. انها اولى الأسماء والصفات الإلهية بعد «الله» لا يسمى بها إلا الله إلا زورا وغرورا ، فهي تشمل كافة الصفات والأسماء الإلهية الفائضة على الخلق عامة ، إذ هي أعم من الرحيم ، فانها لبعض الخلق خاصة ، فقد ذكرت الرحيم فيما ذكرت ، قرينة برحمات خاصة ، ولم تذكر الرحمان إلا عامة أو قرينة برحمات عامة ، مما يؤكد تفسيرها في السنة واللغة بالرحمة العامة ، وفيما تذكر برحمة خاصة ، لا تعني إلا شمولها لها ، وكما تشمل سائر الرحمات لا اختصاصها بها ، فهي على أية حال أشمل من الرحيم (١). ومن الرحمة العامة : الرحمانية ، رحمة الخلق وهداية الخلق : (الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) ومن الهداية ما ترجع إليهما من صالح ذاتي أو وصفي وعارضي ، وقد تستعرض «الرحمن» قسما كبيرا من أقسام الرحمتين الرحمانية والرحيمية ، ومن أعظمها :
(عَلَّمَ الْقُرْآنَ) تتقدم على خلق الإنسان وتعليمه البيان وخلق الأرض للأنام أم ماذا؟ رمزا الى أن القرآن هو الرحمة التي تعادل سائر الرحمات وتتقدمها ، فكتب الوحي كلها تقدمات للقرآن ، وخلق الكون كله بما فيه الإنس والجان خلق لمن يتوجب عليه فهم القرآن ، متذرعا كتاب التكوين آفاقيا وأنفسيا للوصول الى كتاب التدوين : القرآن.
__________________
(١) لقد ذكرت الرحمان ٧ ، مرة والرحيم ٩٥ مرة ، وفي أحاديثنا : الرحمن بجميع خلقه والرحيم بالمؤمنين خاصة ، وكذلك في اللغة ـ وتجد تفصيل البحث عن الوصفين في بسملة الحمد ـ علنا نوفق للوصول إليها بتوفيق الله تعالى.