وانها لنعمة كبرى ورحمة عظمى تتجلى فيها رحمة الرحمان لمن يمكنه تعلم القرآن من ملك او جن وانسان.
وترى أن «علّم» من تعليم العلامة (١) حتى يكون القرآن مفعوله الوحيد : أن جعل القرآن علامة لرسالة الرسول ، وكرامة لمن يتعلم القرآن؟ أم من تعليم العلم ، فمفعوله الأول مقدر هو كل من حمّل تعلّم القرآن ، من حامل رسالته الأصيلة (٢) ، الى حملته الفروع ، والى عامة المرسل إليهم.
ومن لطيف الأمر أن كلا التعليمين من أعظم الرحمات الإلهية ، رحمة الإعجاز ـ القمة ، ورحمة التعليم والتزكية ـ القمة ، والأوفق بأسلوب القرآن أن تعني «علم» كلتا القمتين.
وكما أن القرآن بين الكتب رحمة تشريعية قمة ، كذلك خلق الإنسان بين الخلق رحمة تكوينية قمة :
(خَلَقَ الْإِنْسانَ ، عَلَّمَهُ الْبَيانَ) :
فالإنسان مخلوق في أحسن تقويم ، مفضل على كثير من الخلق مهما ساواه آخرون : (وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً) (١٧ : ٧٠) فتخصيصه بالذكر هنا وعن الجان المشاركين إياه في تعليم القرآن ، ليس إلا لأنه موجّه إليه اصالة ، ثم إلى الجان كفرع من فروع الإنسان ، لا لأنه فقط المكلف بذلك ، أو هو المفضل على الخلق كله.
من ثم ـ وبعد تعليم القرآن وخلق الإنسان ـ يأتي دور تعليم البيان ، وهو
__________________
(١) قد يكون علم تفعيل علم فهو تعليم العلم ، أو يكون من علم فهو تعليم العلم والعلامة.
(٢) تفسير القمي عن أبي الحسن الرضا (ع) في الآية : الله علم محمدا القرآن ، أقول وهو من باب التفسير بأفضل المصاديق ، ويناسب كذلك تعليم العلامة كما قلناه.