وأما المركبة (١) فلا شك أنها من حيث هى مركبة فقد تكونت بعد ما لم تكن ، (٢) فيجب أن يكون فى طباعها ، لا محالة ، أن تفسد ؛ (٣) إذ (٤) قد بينا لك أن كل كائن جسمانى فاسد.
فقد اتضح من هذا أن الكون والفساد موجود. وقد كان (٥) اتضح لك قبل ذلك الفرق بين الكون وبين الاستحالة ، وبين النمو والذبول فى ماهياتها. (٦) وإنما بقى لك الآن تعرف (٧) وجود كل واحد منها.
فمن الناس من منع وجود جميع ذلك ؛ بل منع وجود الحركة.
أما من أبطل الحركة المكانية والوضعية فلا كثير فائدة لنا فى الاشتغال بمناقضته ، (٨) وإن كانت العادة قد جرت بها. فإن لنا ، بمناقضيه آراء قيلت (٩) فى أمور ليس الحكم (١٠) فيها يبين ، شغلا شاغلا عن تكلف ما بين وجوده يغنى عن إبانته. وأما هذه الباقية فإن الشغل فى إبانة وجودها مما ينبغى أن يعتد به.
فقد منع قوم الكون ، وزعموا أن البسائط ، مثل الأرض والنار والهواء (١١) والماء ، فإن جواهرها لا تفسد ، (١٢) بل لا شىء منها يوجد صرفا فى طبيعته ، بل هو مركب من الطبيعه التي ينسب إليها ومن طبائع (١٣) أخرى. لكنه إنما يسمى بالغالب. فلا أرض (١٤) صرفا ولا نار (١٥) صرفا ، ولا ماء صرفا ، (١٦) ولا هواء صرفا ؛ بل كل واحد منها مختلط من الجميع ، ويعرض له فى وقت ملاقاة (١٧) غيره إياه مما الغالب فيه غير الغالب فيه ، أن يبرز ويظهر فيه ما هو مغلوب لملاقاة (١٨) الذي من جنس المغلوب فيه غالب ، وظهوره بأن يتحرك إلى مقاومة ما غلبه (١٩) وعلاه ، (٢٠) فيستعلى عليه. وإذا (٢١) تحرك إلى ذلك عرض للنظام (٢٢) الذي كان يحصل باجتماع الغوالب والمغلوبات أن يحيل ويستحيل.
__________________
(١) د : أنها مركبة (٢) م ، ط : بكين
(٣) م ، ط : يفسد (٤) م : وإذ
(٥) د : فقد كان (٦) ط : مهياتها
(٧) د : يعرف (٨) د : لمناقضة
(٩) سا ، ب : آراء ضلت (١٠) م : ـ الحكم
(١١) م : والمواد (١٢) م ، ط : يفسد
(١٣) د : من طابع
(١٤) م : ولأرض
(١٥) ط : نارا
(١٦) م : ـ ولا هواء صرفا
(١٧) د : تميزه ملاقاة
(١٨) ط : لملاقات
(١٩) م : ما عليه
(٢٠) د : ـ وعلاه.
(٢١) د : فإذا تحرك ، وفى «ط» : يتحرك
(٢٢) ب : النظام