زمزمت الفرس على زمزم ، |
|
وذاك في سالفها الأقدم |
وقيل : بل سميت زمزم لزمزمة جبرائيل ، عليه السلام ، وكلامه عليها ، وقال ابن هشام : الزمزمة عند العرب الكثرة والاجتماع ، وأنشد :
وباشرت معطنها المدهثما ، |
|
ويمّمت زمزومها المزمزما |
وقال المسعودي : والفرس تعتقد أنّها من ولد إبراهيم الخليل ، عليه السلام ، وقد كانت أسلافهم تقصد البيت الحرام وتطوف به تعظيما لجدها إبراهيم وتمسكا بهديه وحفظا لأنسابها ، وكان آخر من حجّ منهم ساسان بن بابك ، وكان ساسان إذا أتى البيت طاف به وزمزم على هذه البئر ، وفي ذلك يقول الشاعر في القديم من الزمان :
زمزمت الفرس على زمزم ، |
|
وذاك في سالفها الأقدم |
وقد افتخر بعض شعراء الفرس بعد ظهور الإسلام :
وما زلنا نحجّ البيت قدما ، |
|
ونلقي بالأباطح آمنينا |
وساسان بن بابك سار حتى |
|
أتى البيت العتيق بأصيدينا |
وطاف به وزمزم عند بئر |
|
لإسماعيل تروي الشاربينا |
ولها أسماء ، وهي : زمزم وزمّم وزمّزم وزمازم وركضة جبرائيل وهزمة جبرائيل وهزمة الملك ، والهزمة والركضة بمعنى ، وهو المنخفض من الأرض ، والغمزة بالعقب في الأرض يقال لها هزمة ، وهي سقيا الله لإسماعيل ، عليه السلام ، والشّباعة وشباعة وبرّة ومضنونة وتكتم وشفاء سقم وطعام طعم وشراب الأبرار وطعام الأبرار وطيّبة ، ولها فضائل كثيرة ، روي عن جعفر الصادق ، رضي الله عنه ، أنّه قال : كانت زمزم من أطيب المياه وأعذبها وألذها وأبردها فبغت على المياه فأنبط الله فيها عينا من الصفا فأفسدتها ، وروى ابن عباس عن النبيّ ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : التضلع من ماء زمزم براءة من النفاق ، وماء زمزم لما شرب له ، قال مجاهد : ماء زمزم إن شربت منه تريد شفاء شفاك الله وإن شربته لظمإ روّاك الله وإن شربته لجوع أشبعك الله ، وقال محمد بن أحمد الهمذاني : وكان ذرع زمزم من أعلاها إلى أسفلها ستين ذراعا ، وفي قعرها ثلاث عيون : عين حذاء الركن الأسود ، وأخرى حذاء أبي قبيس والصفا ، وأخرى حذاء المروة ثمّ قلّ ماؤها جدّا حتى كانت تجمّ ، وذلك في سنة ٢٢٣ أو ٢٢٤ ، فحفر فيها محمد بن الضحاك ، وكان خليفة عمر بن فرج الرّخّجي على بريد مكّة وأعمالها ، تسعة أذرع فزاد ماؤها واتسع ثمّ جاء الله بالأمطار والسيول في سنة ٢٢٥ فكثر ماؤها ، وذرعها من رأسها إلى الجبل المنقور فيه أحد عشر ذراعا وهو مطويّ والباقي فهو منقور في الحجر ، وهو تسعة وعشرون ذراعا ، وذرع تدويرها أحد عشر ذراعا ، وسعة فمها ثلاثة أذرع وثلثا ذراع ، وعليها ميلا ساج مربعان فيهما اثنتا عشرة بكرة ليستقى عليها ، وأوّل من عمل الرخام عليها وفرش أرضها بالرخام المنصور ، وعلى زمزم قبة مبنية في وسط الحرم عن باب الطواف تجاه باب الكعبة ، وفي الخبر : أن إبراهيم ، عليه السلام ، لما وضع إسماعيل بموضع الكعبة وكرّ راجعا قالت له هاجر : إلى من تكلنا؟ قال : إلى الله ، قالت : حسبنا الله ، فرجعت وأقامت عند ولدها حتى نفد ماؤها وانقطع درّها فغمها ذلك