الطيب في قوله :
دون أن يشرق الحجاز ونجد |
|
والعراقان بالقنا والشّآم |
وأنشد أبو عليّ القالي في نوادره :
فما اعتاض المعارف من حبيب |
|
ولو يعطى الشآم مع العراق |
وقد تذكّر وتؤنّث ، ورجل شأميّ وشآم ، ههنا بالمدّ على فعال ، وشآميّ أيضا ، حكاه سيبويه ، ولا يقال شأم لأنّ الألف عوض من ياء النسبة فإذا زال الألف عادت الياء ، وما جاء من ضرورة الشعر فمحمول على أنّه اقتصر من النسبة على ذكر البلد ، وامرأة شأميّة ، بالتشديد ، وشآمية ، بتخفيف الياء ، وتشاءم الرجل ، بتشديد الهمزة ، نسب إلى الشام كما تقول تقيّس وتكوّف وتنزّر إذا انتسب إلى قيس والكوفة ونزار ، وأشأم إذا أتى الشام ، وقال بشر بن أبي خازم :
سمعت بنا قيل الوشاة فأصبحت |
|
صرمت حبالك في الخليط المشئم |
وقال أبو بكر الأنباري : في اشتقاقه وجهان : يجوز أن يكون مأخوذا من اليد الشّؤمى وهي اليسرى ، ويجوز أن يكون فعلى من الشوم ، قال أبو القاسم : قال جماعة من أهل اللغة يجوز أن لا يهمز فيقال الشام يا هذا فيكون جمع شامة سميت بذلك لكثرة قراها وتداني بعضها من بعض فشبّهت بالشامات ، وقال أهل الأثر : سميت بذلك لأن قوما من كنعان بن حام خرجوا عند التفريق فتشاءموا إليها أي أخذوا ذات الشمال فسميت بالشام لذلك ، وقال آخرون من أهل الأثر منهم الشرقي : سميت الشام بسام بن نوح ، عليه السلام ، وذلك أنّه أوّل من نزلها فجعلت السين شينا لتغيّر اللفظ العجمي ، وقرأت في بعض كتب الفرس في قصة سنحاريب : أن بني إسرائيل تمزّقت بعد موت سليمان بن داود ، عليهما السلام ، فصار منهم سبطان ونصف سبط في بيت المقدس ، فهم سبط داود ، وانخزل تسعة أسباط ونصف إلى مدينة يقال لها شامين ، وبها سميت الشام ، وهي بأرض فلسطين ، وكان بها متجر العرب وميرتهم ، وكان اسم الشام الأوّل سورى فاختصرت العرب من شامين الشام وغلب على الصقع كلّه ، وهذا مثل فلسطين وقنّسرين ونصيبين وحوّارين ، وهو كثير في نواحي الشام ، وقيل : سميت بذلك لأنّها شامة القبلة ، قلت : وهذا قول فاسد لأن القبلة لا شامة لها ولا يمين لأنّها مقصد من كل وجه يمنة لقوم وشامة لآخرين ، ولكن الأقوال المتقدّمة حسنة جميعها ، وأمّا حدّها فمن الفرات إلى العريش المتاخم للدّيار المصريّة ، وأمّا عرضها فمن جبلي طيّء من نحو القبلة إلى بحر الروم وما بشأمة ذلك من البلاد ، وبها من أمّهات المدن منبج وحلب وحماة وحمص ودمشق والبيت المقدس والمعرّة ، وفي الساحل أنطاكية وطرابلس وعكّا وصور وعسقلان وغير ذلك ، وهي خمسة أجناد : جند قنسرين وجند دمشق وجند الأردنّ وجند فلسطين وجند حمص ، وقد ذكرت في أجناد ، ويعدّ في الشام أيضا الثغور : وهي المصيصة وطرسوس وأذنة وأنطاكية وجميع العواصم من مرعش والحدث وبغراس والبلقاء وغير ذلك ، وطولها من الفرات إلى العريش نحو شهر ، وعرضها نحو عشرين يوما ، وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنّه قال : قسم الخير عشرة أعشار فجعل تسعة أعشار في الشام وعشر في سائر الأرض ، وقسم