كصدّاء ، والمثل لمقذّفة بنت قيس بن خالد الشيباني وكانت زوجة لقيط بن زرارة فتزوّجها بعده رجا من قومها فقال لها يوما : أنا أجمل أم لقيط؟ فقالت : ماء ولا كصدّاء ، أي أنت جميل ولكن لست مثله ، قال أبو عبيد : وقال المفضّل : صدّاء ركية ليس عندهم ماء أعذب منها ، وفيها يقول ضرار بن عمرو السعدي :
وإنّي وتهيامي بزينب كالذي |
|
يطالب من أحواض صدّاء مشربا |
قال : ولا أدري صدّاء فعلاء أم فعّال ، فإن كان فعّالا فهو من صدا يصدو أو من صدي يصدى ، وقال الزّجاج : وفي أمثال العرب ماء ولا كصدّاء ، وبعضهم يقول : لا كصدّا ، وإنما هي بئر للعرب عذبة جدّا ، وهذا الاسم اشتقّ لها من أنها تصدّ من شرب منها عن غيرها من المشارب ، وليس ذلك من اللفظ ، فأما الضمّ فإنه ليس فيها معروفا ، ومن قال كصدّاء فجائز أن تكون سميت بذلك لأن لونها لون الصّدإ ، قال شمر : صدا الهام يصدو إذا صاح ، وإن كان صدّاء فعلاء فهو من المضاعف كقولهم : صمّاء من الصمم ، وقال أبو نصر بن حمّاد : صدّاء اسم ركية عذبة الماء ، وفي المثل : ماء ولا كصدّاء ، وقلت لأبي علي النحوي : هو فعلاء من المضاعف ، فقال : نعم ، وأنشدني لضرار بن عتبة العبشمي السعدي :
كأني من وجد بزينب هائم |
|
يخالس من أحواض صدّاء مشربا |
رأى دون برد الماء هولا وذادة ، |
|
إذا اشتدّ صاحوا قبل أن يتحبّبا |
قالوا : تحبّب الحمار إذا امتلأ من الماء ، وقال بعضهم : صدآء مثل صدعاء ، قال : وسألت عنه بالبادية رجلا من بني سليم فلم يهمزه ، وقال نصر : صدّاء ماء معروف بالبياض وهو بلد بين سعد بن زيد مناة بن تميم وكعب بن ربيعة بن كلاب يصدر فيه فلج جعدة ، وهو ماء قليل ليس في تلك الفلاة ، وهي عريضة ، غيره وغير ماء آخر مثله في القلّة ، وبصدّاء منبر ، وماؤه شديد المرارة ، كذا قال نصر ، وكيف يكون مرّا وفي المثل السائر فيه ما يدلّ على حلاوته؟ والله أعلم ، قال آدم بن شدقم العنبري :
وحبّذا شربة من شنّة خلق |
|
من ماء صدّاء تشفي حرّ مكروب |
قد ناط شنّتها الظامي وقد نهلت |
|
منها بحوض من الطرفاء منصوب |
تطيب حين تمسّ الأرض شنّتها |
|
للشاربين وقد زادت على الطيب |
قال ابن الفقيه : قدم ابن شدقم العنبري البصرة فملح عليه شرب الماء واشتدّ عليه الحرّ وآذاه تهاوش ريحها وكثرة بعوضها ثم مطرت السماء فصارت ردغا فقال :
أشكو إلى الله ممسانا ومصبحنا |
|
وبعد شقّتنا يا أمّ أيّوب |
وانّ منزلنا أمسى بمعترك |
|
يزيده طبعا وقع الأهاضيب |
ما كنت أدري ، وقد عمّرت مذ زمن : |
|
ما قصر أوس وما بحّ الميازيب |
تهيجني نفحات من يمانية |
|
من نحو نجد ونعبات الغرابيب |
كأنهن على الأجذال ، كلّ ضحى ، |
|
مجالس من بني حام أو النوب |
يا ليتنا قد حللنا واديا خصبا ، |
|
أو حاجرا لفّنا غضّ التعاشيب |