كقوله (١) :
١٥٣ ـ فقدْ والله بيَّنَ لي عنائي |
|
بَوشْكِ فراقهم صُردٌ يصيحُ |
وسمع : «قد لعمري بتُّ ساهراً».
ولها ستّة معان :
أحدها : التوقع ، وذلك مع المضارع واضح كقولك : «قد يقدَم الغائبُ اليومَ» إذا كنت تتوقّعُ قدومه.
وأما مع الماضي فأثبته الأكثرون. قال الخليل : يقال : «قد فعل» لقوم ينتظرون الخبر ، ومنه قول المؤذن : «قد قامت الصلاة» ؛ لأن الجماعة منتظرون لذلك.
وأنكر بعضهم كونها للتوقع مع الماضي ، وقال : التوقع انتظار الوقوع ، والماضي قد وقع.
وقد تبين بما ذكرنا أن مراد المثبتين لذلك أنها تدلُّ على أن الفعل الماضي كان قبل الإخبار به مُتوقَّعاً ، لا أنه الآن متوقع ، والظاهر أنها لا تفيد التوقع أصلاً ، أما في المضارع فلأن قولك : «يقدَم الغائب» يفيد التوقع بدون «قد» ؛ إذ الظاهر من حال المخبر عن مستقبل أنّه متوقّع له ، وأما في الماضي فلأنه لو صح إثبات التوقع لها لصحّ أن يقال في «لا رجلَ» بالفتح : إنّ «لا» للاستفهام؛ لأنها لا تدخل إلا جواباً لمن قال : «هل من رجل» ونحوه ، فالذي بعد «لا» مستفهم عنه من جهة شخص آخر ، كما أن الماضي بعد «قد» متوقع كذلك ، وعبارة ابن مالك في ذلك حسنة ؛ فإنه قال : إنها تدخل على ماض متوقع ، ولم يقل : إنها تفيد التوقع ، ولم يتعرض
__________________
١ ـ شرح شواهد المغني : ١/٤٨٩ ، شرح أبيات مغني اللبيب : ٤/٨٩. لم يسم قائله.