كما في مسألة «لا» في نحو : «غضبتُ من لا شيء» ، وكذلك إذا كان يفوت بفواته معنى كما في مسألة «كان» ، وكذلك «لا» المقترنة بالعاطف في نحو : «ما جاءني زيد ولا عمرو» ويسمونها زائدة ، وليست بزائدة البتة ، ألا ترى أنه إذا قيل : «ما جاءني زيد وعمرو» احتمل أن المراد نفي مجيء كل منهما على كل حال ، وأن يراد نفي اجتماعهما في وقت المجيء ، فإذا جيء بـ «لا» صار الكلام نصّاً في المعنى الأول ، نعم هي في قوله سبحانه : (وَما يَسْتَوِي الأحياء وَلا الأمواتُ) (فاطر/٢٢) لمجرد التوكيد.
تنبيه
اعتراضُ «لا» بين الجار والمجرور في نحو قول أميرالمؤمنين (عليه السلام) : «الداعي بلا عَمَل كالرّامي بلا وَتَر» (٣٦٣) وبين الناصب والمنصوب في نحو : (لِئلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ) (البقرة/١٥٠) وبين الجازم والمجزوم في نحو : (إنْ لا تَفْعَلُوهُ) (الأنفال/٧٣) وتقدُّمُ معمول ما بعدها عليها في نحو (يَوْمَ يأتِي بَعْضُ آياتِ رَبّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إيمانُها لمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أو كَسَبَتْ في إيمانِها خَيْراً) (الأنعام/١٥٨) دليلٌ على أنّها ليس لها الصّدر ، بخلاف «ما» ، اللهم إلاّ أن تقع في جواب القسم ؛ فإن الحروف التي يُتلقى بها القسم كلها لها الصّدر ، وقيل : لها الصدر مطلقاً ، وقيل : لا مطلقاً والصواب : الأول.
الثاني : من أوجه «لا» أن تكون موضوعة لطلب الترك ، وتختص بالدخول على المضارع ، وتقتضي جزمه واستقباله ، سواء كان المطلوبُ منه مخاطباً ، نحو قوله تعالى (لاتَتّخِذُوا عَدُوّي وَعَدوّكُمْ أولِياء) (الممتحنة/١) أو غائباً ، نحو :
__________________
١ ـ نهج البلاغة : ح ٣٣٠/١٢٤٥.