وما يوجب أحدهما فيه عدم الانحصار المذكور ، نحو : «لو نام لانتقض وُضوؤه» ونحو : «لو كانت الشّمسُ طالعةً كان الضّوء موجوداً» وهذا لايلزم فيه من امتناع الأول امتناع الثاني كما قدمنا.
وما يُجوّز فيه العقل ذلك ، نحو : «لو جاءني أكرمته» ؛ فإن العقل يجوّز انحصار سبب الإكرام في المجيء ويرجحه أن ذلك هوالظاهر من ترتيب الثاني على الأول ، وأنه المتبادر إلى الذهن ، وهذا النوع يدل فيه العقل على انتفاء المسبب المساوي لانتفاء السبب ، لا على الانتفاء مطلقاً ، ويدل الاستعمال والعرف على الانتفاء المطلق.
والنوع الثاني قسمان :
الأول : ما يراد فيه تقرير الجواب وُجِدَ الشرطُ أو فُقِدَ ، ولكنه مع فَقْده أولى ، وذلك كقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : «إنّها لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلّت لي ، إنّها لابنةُ أخي من الرضاعة» (١) فإنّه يدلُّ على تقرير عدم حليتها في الحالين وعلى أنّ انتفاء الحلّية مع ثبوت كونها ربيبته أولى ، وإنما لم تدل على انتفاء الجواب لأمرين :
أحدهما : أن دلالتها على ذلك إنما هو من باب مفهوم المخالفة ، وفي هذا الحديث دلّ مفهومُ الموافقة على عدم الحلية؛ لانه إذا انتفت الحلية عند عدم كونها ربيبته (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فعند كونها ربيته أولى ، وإذا تعارض هذان المفهومان قدم مفهوم الموافقة.
ثانيهما : أنّه لما فقدت المناسبة انتفت العلية ، فلم يجعل عدم كونها ربيبة علة عدم الحلية ، فعلمنا أن عدم الحلية معلل بأمر آخر ، وهو أنها ابنة أخيه (صلى الله عليه وآله وسلم) من
__________________
١ ـ المصدر السابق.