ثمّ إنّ البداء الذي تقول به الشيعة الاماميّة إنّما يقع في القضاء غير المحتوم ، فانّ القضاء الالهي على أقسام ثلاثة .
الأوّل : قضاء الله الذي لم يطلع عليه أحداً من خلقه والعلم المخزون الذي استأثر به تعالى .
الثاني : قضاء الله الذي أخبر نبيّه وملائكته بأنّه سيقع حتماً .
الثالث : قضاء الله الذي أخبر نبيّه وملائكته بوقوعه في الخارج الّا أنّه موقوف على أن لا تتعلّق مشيئة الله بخلافه وهذا القسم هو الذي يقع فيه البداء ( يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) ١ (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ) ٢ وقد وردت الروايات عن أهل البيت عليهمالسلام تشير الى كلّ من هذه الأقسام ، فالبداء في حقيقته كالنسخ الّا أنّ الأوّل في التكوين والثاني في التشريع ، وكلاهما لا يستلزمان الجهل أو نسبته الى الله تعالى .
وممّا يترتب على الاعتقاد بالبداء .
اولاً : الاعتراف الصريح بانّ العالم تحت سلطان الله وقدرته في حدوثه وبقائه ، وانّ إرادة الله نافذة في الأشياء أزلاً وأبداً .
وثانياً : انّ في القول بالبداء ايضاح للفرق بين العلم الالهي
__________________
١) سورة الرعد ، الآية ٣٩ .
٢) سورة الروم ، الآية ٤ .