مروان بن الحكم ، وكان على المدينة ، أن يخطب بنت زينب بنت أمير المؤمنين ، وأبوها عبد الله بن جعفر ، أن يخطبها لابنه يزيد ، فكلّم مروان أباها عبد الله ، فقال له : أنّ أمرها إلى سيّدنا الحسين خالها ، فذهب مروان إلى الحسين ، وقال له : أنّ معاوية أمرني أن أجعل مهرها حكم أبيها بالغا ما بلغ ، مع قضاء دينه ، وصلح ما بين هذين الحيّين ، وأن من يغبطكم بيزيد أكثر من يغبطه بكم ، والعجب كيف يستمهر يزيد ، وهو كفؤ من لا كفؤ له ، وبوجهه يستسقى الغمام! ...
فقال الحسين : الحمد لله الّذي اختارنا لنفسه ، وارتضانا لدينه ، واصطفانا على خلقه ، أمّا قولك يا مروان مهرها حكم أبيها ، فلعمري لو أردنا ذلك ما عدونا سنّة رسول الله في بناته ونسائه ، وهو أربعمئة وثمانون درهما ، وأمّا قولك عن قضاء دين أبيها فمتى كان نساؤنا يقضينّ عنّا الدّيون؟! وأمّا صلح ما بين الحيّين فنحن عاديناكم في الله ، فلا نصالحكم للدّنيا ، وأمّا قولك كيف يستمهر يزيد فقد استمهر (١) النّبيّ صلىاللهعليهوآله ، وأمّا قولك يزيد كفؤ من لا كفؤ له فمن كان كفؤه قبل اليوم فهو كفؤه اليوم ما زادته إمارته في الكفاءة شيئا ، أمّا قولك بوجهه يستسقى الغمام فإنّما ذاك وجه رسول الله ، وأمّا قولك من يغبطنا به أكثر ممّن يغبطه بنا ، فإنّما يغبطنا به أهل الجهل ، ويغبطه بنا أهل العقل ، ثمّ أشهد الحسين من حضر على أنّه زوّج ابنة شقيقته ، وكانت تدعى أمّ كلثوم ، من ابن عمّها القاسم بن محمّد بن جعفر بن أبي طالب.
أراد يزيد ابن آكلة الأكباد الزّواج من بنت العقيلة زينب بنت عليّ وفاطمة ،
__________________
(١) استمهر ، أي دفع المهر.
وجعل المهر أربعمئة وثمانين درهما ، ونحلها ضيعة له ، وكانت غلتها ثمانية آلآف دينار.